وقد زادت الشركة الفرنسية ضعفا بعد دوبليه الذي كان يسعى جاهدا لكي يصبح سيدا على جنوب الهند، غير أن ظهور روبرت كلايف، وكان أحد كتبة الشركة الإنجليزية، وإلحاقه الهزيمة بجيش وطني في أركوت، أفضى إلى أن تأمر الشركة الفرنسية دوبليه بأن يعود من الهند. ثم إن السير أركوت قد هزم الحاكم الذي خلف دوبليه فلم يبق للفرنسيين غير مركزين تجاريين أحدهما في سورات، والثاني في كاليكوت.
هذا إلى أن كلايف سافر من مدراس وسحق في بلاسي جيش نواب كالكاتا حين هاجم مركز الإنجليز بها وسجنهم في غرفة ضيقة، فمات أكثرهم اختناقا، ومن ثم أصبح الإنجليز سادة البنغال، فعينت الشركة الإنجليزية نوابا آخر محله قتل 200 أوربيا ثم هزمه هيكتور مونروه في بوكسار في 1764، وقد وقع الذي تنبأ به كلايف حين كان يمضي إجازته في إنجلترا، من أن يكون هذا النصر مفتاحا للسيادة الإنجليزية على الهند كلها، ذلك أن إمبراطور المغول قد منح الإنجليز حق الإشراف على إيرادات البنغال والبيهار وأوريسا، وقد جنى موظفو الشركة من إيراد البلاد وتجارتها ثروة شخصية طائلة بوسائل غير مشروعة، ومن هؤلاء كلايف نفسه.
وكان من حكام البنغال في 1772 وارين هيستينجس كان كاتبا في الشركة، وفي 1774 أصبح حاكما عاما لجميع أملاك الشركة.
وقد أنشأ نظاما جديدا للإدارة متوخيا ما يمكن من النزاهة في أعمالها، دارسا لغات الهند وعاداتهم وقوانينهم واللغتين الإيرانية والبنغالية، وكان سياسيا لا جنديا، على أن أعضاء مجلسه قد عارضوا سياسته متهمين إياه باستعمال القسوة والاغتصاب والظلم أمام مجلس اللوردة، وبعد أن ظلت المحاكمة سنوات قضى المجلس ببراءته، وقبل هذا تم إلغاء النظام الإداري الذي وضعه وكان سببا في احتجاجهم عليه.
ومنذ 1784 آثرت الحكومة الإنجليزية أن تشرف بنفسها على النشاط السياسي للشركة، معينة حكاما عامين من غير موظفي الشركة.
الفصل الثامن عشر
عصر الشركات التجارية الأجنبية
بعد أن استقر البرتغاليون في بعض ثغور الهند ناهضين بأعباء تجارتها البحرية الخارجية، جاء إلى الهند الهولنديون والإنجليز في مستهل القرن السابع عشر، حين كان تجار الجملة من الهندوس والمسلمين، وكانت هناك أسواق وحلقات وجماعات تجارية معترف بها تحت رقابة الحكومة، كما أنه قد ظهرت أداة الإقراض والتأمين وتحديد الأسعار، وقام مبدأ إشهار إفلاس العاجزين من التجار المدنيين، وكانت الروبية الفضية هي أساس النقد في إمبراطورية المغول. أما في الجنوب فكانت «الباجوداه» الذهبية هي العملة الرئيسية وكانت تساوي
من روبية أكبر، وتقرب قيمتها من قيمة الروبية الحالية. أما الحاصلات فكانت تشمل القمح والشعير والأرز والذرة العويجة والحمص والفول والحبوب الزيتية كالسمسم ثم قصب السكر والقطن والعنب والنيلة والخشخاش والتانبول والفلفل والبهار.
وقد أهمل استخراج الذهب والفضة، وعني باستخراج النحاس شمالا وتصديره جنوبا. وكان حديد الهند الذي يصهر كأتون مشتعل بالخشب المتقد يكفي حاجتها، وفي الدكن حقول الماس.
Bilinmeyen sayfa