ثم إن القاصد أرسل إلى السلطان تقدمة لم تكن كبيرة، وقيل إنها قومت بنحو خمسة آلاف دينار أو دون ذلك، فلما عاينها السلطان وبخ الذي طلع بها وأحضر له قوائم هدايا ملوك الحبشة إلى الملوك السابقة، وأحضر له عدة تواريخ يذكر فيها هدايا ملوك الحبشة إلى ملوك مصر، فقرئت عليه. ولكن ضعف ملوك الحبشة بالنسبة إلى ما كانوا عليه من قديم الزمان؛ حتى نقل بعض المؤرخين أنه كان لملوك الحبشة على نواحي النيل ستون مملكة لا ينازع بعضها بعضا فيما بأيديهم من الأراضي التي هناك، أما في أيام السلطان الغوري فقد ضعف أمرهم بالنسبة إلى ما كانوا عليه من قبل ذلك.
وبعد أن قام قاصد الحبشة في الميدان ثلاثة أيام سافر هو ومن معه إلى القدس ليزوروا «القمامة». ا.ه.
أما في تاريخ مصر الحديث، ففي سنة 1299ه أرسل علاء الدين باشا العامل يومئذ على شرق السودان إلى ديوان الخديو «توفيق باشا» يقول: جاءت رسل نجاشي الحبشة، وبينهم قسيس من قسوسهم اسمه «ملاك برهان فيروت»، ومعهم عشرة رجال آخرون، منهم خمسة من أئمة الدين، وترجمان اسمه يعقوب، وعشرة من الأتباع الذين يحملون متاع الوفد، فدفع إلي كبيرهم كتابا من النجاشي يقول فيه:
باسم سيدنا يسوع المسيح كلمة الله ... إلخ.
من الملك المحب يوحنا ملك صهيون نجاشي الحبشة وملك ملوكها إلى حضرة المحب المكرم علاء الدين باشا.
نخبركم أننا بنعمة سيدنا يسوع المسيح نحن وجميع عسكرنا ورجال مملكتنا حائزون كمال الصحة والعافية، ممتعون بالراحة الوافية، ونود استمرار العلاقات بيننا وبين حكومة مصر، ونحب تثبيت أحسن الصلات الودية. وإنه مرسل لكم يا محبنا الباشا هدية، وهي حصان من جياد الخيل؛ إشارة إلى التودد والمحبة والسلام. ا.ه.
وكان مع ذلك الوفد أيضا هدايا أخرى بعضها إلى بطرك القبط بديار مصر وبعضها إلى الخديو؛ وهي عبارة عن عشرة كمام من الفضة المموهة بالذهب، ونيشانين من الذهب الخالص، وثماني درقات، وكمية من الزاد، وزهاء ألف وخمسمائة جنيه فرنسوي برسم القدس الشريف، وكتاب إلى الخديو توفيق باشا. وكانت وجهة جميع رجال الوفد ببيت المقدس ليلبثوا فيه ما شاء الله، وقد حضر أولئك الحبشان ومثلوا بين يدي الخديو، ونزلوا بدار البطريركية القبطية بالقبيلة، وتجد تفصيل ذلك في الجزء الرابع من كتاب الكافي.
ويذكر القراء أنه في سنة 1924 كان إمبراطور الحبشة الحالي هيلا سيلاسي ما زال وليا للعهد، وكانوا يطلقون عليه اسم «الرأس تفري»، وقد جاء إلى مصر لزيارتها في طريقه إلى أوروبا، فاستقبلته الحكومة استقبالا رسميا، وكان يرأس الوزارة في ذلك الوقت المغفور له سعد زغلول.
وكذلك فإنه منذ سنوات قليلة قدمت كريمة إمبراطور الحبشة الحالي إلى مصر لعمل عملية جراحية لها في المستشفى القبطي بشارع الملكة نازلي، وقد عملت العملية وشفيت المريضة. (8) حملات مصر على الحبشة
6
Bilinmeyen sayfa