وليس لإخواننا الحبشان أن يبرموا بهذا الاستعمال، ومهما يكن معنى لفظ «الحبشة» منبئا عن حطة أو مهانة في نظرهم، فإن التلفظ به ولا سيما على لسان المصريين والعرب لا ينبئ إلا عن أنه علم على تلك البلاد المعينة المعروفة. والمعاني المستهجنة لبعض الألفاظ تفقد وجودها بالعرف والاصطلاح والاستحالة إلى مسميات محترمة.
ويشبه برم الحبشان باسم «الحبشة» مقت سكان بلاد «العجم» لاسم «العجم» ومطالبتهم بتسميتها «بإيران».
ولمجمع اللغة العربية الملكي أن يبت في اسم الحبشة، ويبدله إلى إثيوبيا أو نحوها. (4) الحبشة بين القرن الرابع والقرن التاسع عشر
يقول السنيور «لامبرتي سورنتينو» أن كلمة «الحبشة» مأخوذة من فعل عربي اسمه «حبش»، وأن «الحبشة» تكون إذن «مجموعا من الأقوام!»
3
وفي القرن الرابع دخلت الحبشة في حظيرة المسيحية، وفي سنة 525م ظهر مشروع غزو اليمن. ولكن انتشار الإسلام وقوته بعدئذ حملت الحبشان على الانسحاب من السواحل العربية، والاكتفاء بتوسيع الحبشة داخل القارة الأفريقية.
وتاريخ الحبشة في القرون الوسطى غامض جدا، وجملة ما يقال فيه أنه كانت هناك ثلاث أسر تتنازع ملك الحبشة، وقامت حرب بين المسيحيين والمسلمين، وضعف المسيحيون حتى أنجدهم البرتغاليون الذين تغلغلوا في الحبشة من البحر الأحمر، وقتلوا زعيم المسلمين سنة 1543، وبعد انتصار المسيحيين عادت الحبشة إلى الفوضى مرة أخرى. وكان دخول البرتغاليين سببا في نشر المذهب الكاثوليكي، وانقسم مسيحيو الحبشة قسمين: قسم يؤازر المذهب الكاثوليكي، وقسم يقاومه. ونجح القسم الأخير؛ حيث اضطر النجاشي «سوسنيوس» الذي قبل الديانة الرومانية، إلى النزول عن الملك سنة 1632 بعد حكم سبع سنوات، وخلفه النجاشي «فاسيليوس» الذي حكم من سنة 1632 إلى 1637، وأسس مدينة «جندار» في الشمال الشرقي من الحبشة وفي شمال بحيرة تانا، وما لبثت البلاد أن عادت إلى الفوضى وعاد الرءوس إلى طغيانهم ومنافساتهم، وكان النجاشي ضعيفا طوع بنانهم، يعينونه ويقيلونه من آن إلى آخر، وأصحبت شوا وجالا ولاستا وجوجيام وسمين وتيجري دويلات مستقلة متنازعة، حتى ظهر عقب النصف الأول من القرن التاسع عشر الرأس كاسا، وتغلب على الرءوس وأصبح ملكا للملوك. (5) الملك تيودور والحرب مع الحبشة
بعد أن ضم الخديو إسماعيل محافظتي سواكن ومصوع إلى مصر، قرر أن يصل بين مصوع وكسلا بخط حديدي، حيث مر هذا الخط بسنهيت «كرن» بكسر الكاف؛ ليسهل المواصلات بين السودان والبحر الأحمر، وكان يعد البلاد الواقعة بين البلدين ومعها «سنهيت» أرضا مصرية منذ فتحها محمد علي الكبير، ولكن النجاشي تيودوروس ملك ملوك الحبشة عارض الخديو وادعى أن «سنهيت» أرض حبشية، ومن ثم قام الخلاف بينهما. (6) بين إنجلترا والحبشة
منذ فتحت إنجلترا عينها على القارة الأفريقية، طمحت إلى أراضي الحبشة، بسبب كتب الرحالة والمؤرخين الذين تحدثوا عن كنوز الحبشة وخيراتها والمنازعات بين ملوكها وقبائلها. وكان من أثر ذلك زيارة الكونت جورج فالنتيا ومستر هنري صولت للحبشة سنة 1805 وتعرفهما بملك الحبشة «إمبوالا سيوني»، وزيارة صولت للحبشة ومعه كتاب من الملك جورج مصحوبا بهدايا إلى ملك الحبشة وإلى زعماء القبائل، ثم زار مستر كوفن والأسقف جوبات الحبشة سنة 1830 وعاصمتها جندار. وفي سنة 1844 عقد الميجر هاربس مندوبا من حكومة الهند معاهدة مع الرأس سملا سيلاسي ملك شوا، وزار جلالته عقب ذلك بريطانيون آخرون منهم جونستون وروستيه وهركورت، وبل وبلودن، الذي عينه اللورد بلمرستون وزير الخارجية البريطانية - باطلاع الملكة فكتوريا - قنصلا في مصوع ثم في الحبشة، وفي أثناء ذلك تمكن القنصل من عقد معاهدة صداقة سنة 1849 مع الرأس «علي» أقوى ملوك الحبشة، ثم أفل نجم الرأس علي ونزل للإنجليز عن حق حماية رهبان الحبشة في القدس. ثم ظهر الرأس كاسا
4
Bilinmeyen sayfa