Filozofların Tevhidi Üzerine Bir Mesele
مسألة في توحيد الفلاسفة
Araştırmacı
مبارك بن راشد الحثلان
Yayıncı
دار الفتح للدراسات والنشر
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Türler
ونحنُ في هذا المقامِ في مقامِ المنع، فلا يطولُ الكلامُ بالدَّليلِ على فسادِ قولِهم، لكِنْ يَنبغي أنْ نعلمَ أنَّ مادّةَ كلامِهم وأصلَ ضلالِهم هوَ مِنْ جِنسِ ضلالِ سَلَفِهم، حيثُ اشتبهَ عليهِم ما يكونُ في الذِّهنِ مِنْ تصوُّرِ ماهيّةِ الشَّيءِ وحقيقتِهِ بما يكونُ في الخارجِ مِنْ وجودِهِ الذي هوَ حقيقتُهُ وماهيَّتُهُ.
وهذا هوَ الأصلُ الذي ضَلَّ فيهِ أوَّلوهم، لكنَّ أولئكَ أثبتوا هذهِ المتصوّراتِ منفكَّةً عَنِ الموجوداتِ المشهورة، وهؤلاءِ لم يثبِتُوها منفصلةً عنها، بلْ ملازمةً لها، وهُم إذا احتَجُّوا بأنَّ حقيقةَ المثلَّثِ تُعقلُ قبلَ وجودِ المثلَّثِ ونحوَ ذلكَ مِنْ حُجَجِهم، فغايتُهُم أنْ يُثبِتوا أنَّهُ متصوَّرٌ في الذِّهنِ ما لا وجودَ لهُ في الخارج، وهذا لا نِزاعَ فيه، فنحنُ نعلَمُ أنَّ ما لا يُتصوَّرُ في الأذهانِ غيرُ ما يتحقَّقُ في الأعيان، ولو أرادوا باسمِ الماهيّةِ ما في الذِّهنِ وباسمِ الموجودِ ما في الخارجِ لم ننازعْهم في أنَّ وجودَ كُلِّ شيءٍ ليسَ هوَ ماهيَّتَهُ، لكنَّهم لا يَعنونَ هذا، وإنَّما يعنونَ أنَّ ماهيَّةَ كُلِّ شيءٍ الثّابتةَ في الخارجِ غيرُ وجودِهِ الثّابتِ في الخارج، كما أنَّ المعتزلةَ القائلينَ بأنَّ المعدومَ شيءٌ لو قالوا: إنَّهُ شيءٌ في العِلمِ وشيءٌ في الذِّهن، وأنَّهُ ثابتٌ في العِلمِ ومُتصوَّرٌ ومعلومٌ ومذكورٌ ومخبَرٌ عنهُ قبلَ وجودِه، لم ننازعْهم في ذلكَ، ولكنَّهم زَعموا أنَّهُ ثابتٌ في الخارجِ.
فهذانِ الأصلانِ المبنيُّ عليهما هاتانِ المقدِّمتانِ اللَّتانِ ذكرَهما المستدِلُّ هما مِنْ أُصولِ ضلالِ هؤلاءِ المتفلسِفةِ المشّائِينَ، ومَنِ اتَّبعَهم مِنْ مُرتدّةِ العرَب، ومَنْ سَلكَ سبيلَهم مِنْ متكلِّمٍ ومتفقِّهٍ ومتصوِّفٍ.
فالأوَّلُ يتعلَّقُ بكلامِهم في الكُلِّيّاتِ كالجِنسِ والفَصلِ والخاصّةِ
1 / 35