أحد رجلين، إما كتابي معتصم بكتاب مبدل أو مبدل منسوخ، ودين دارس بعضه مجهول وبعضه متروك، وإما أمي مقبل على عبادة ما استحسنه من نجم أو قبر أو تمثال أو وثن أو غير ذلك، والناس في مقالات يظنونها علما وهي جهل، وأعمال يحسبونها صلاحا وهي فساد، فهدى الله الناس بما جاء به من البينات والهدى هداية جلت عن الوصف.
ثم إنه بعثه بدين الإسلام، وهو الصراط المستقيم، وفرض علينا أن نسأله هدايته في كل يوم وليلة في صلاتنا، ووصفه بأنه صراط المنعم عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين، ثم ذكر حديث عدي بن حاتم وفيه فإن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون. فقلت: فإني حنيف مسلم، ودل القرآن على معنى هذا. ووصف اليهود بالغضب والنصارى بالضلال له أسباب ظاهرة وباطنة جماعها: أن كفر اليهود من عدم العمل، والنصارى من عدم العلم. ومع أن الله حذرنا سبيلهم فقضى قضاء نافذا أن هذه الأمة يكون فيها مضاهاة لليهود والنصارى، وهم أهل الكتاب، ولفارس والروم وهم الأعاجم. وكان ﷺ ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، فكذلك أمر العبد بدوام الدعاء بالاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلا، والصراط المستقيم أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات، وأمور ظاهرة قد تكون عبادات وقد تكون عادات في الطعام والشراب والاجتماع والافتراق وغير ذلك.
(٩٢) قد غلط في مسمى التوحيد طوائف من أهل النظر والكلام،
ومن أهل الإرادة والعبادة، حتى قلبوا حقيقته؛ فطائفة ظنت أنه نفي الصفات، وسمو أنفسهم أهل التوحيد، وطائفة ظنت أنه ليس إلا الإقرار
1 / 69