لرفع، وهو كالاستثناء في قوله: ﴿فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ﴾ ١ الآية.
ومما يبين ذلك أنها تخصيص وذم لمن لم يفعل، وهو يقتضي أن القرى لو آمنوا نفعهم، لكن لم يؤمنوا؛ وهذا هو الصواب، لأنه تعالى قال: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ الآيات فأخبر أن هذه سنته، وسنته لا تبديل لها. وقال: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ ٢ الآية، وهذا نفي عام، فلو استثني أحد لكان أمة نبي التوبة، وقد وسع لهم في التوبة ما لم يوسع على بني إسرائيل، وهاتان الأمتان فضلوا على العالمين. وأيضا فإنه سبحانه عدل لا يفرق بين متماثلات، وكشف العذاب عنهم حق رأوه أم لا، فإنه نوعان نوع يتيقن معه الموت، ونوع لا يتيقن، ومن تاب كشف عنه هذا العذاب، والمريض تقبل توبته ما لم يغرغر، وإن كان مرضا مخوفا. وقوله: ﴿كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ٣ يبين أن المكشوف عذاب في الدنيا ولو لم يفسر فهو مجمل، والقرآن فرق بين النوعين، فقوم يونس آمنوا إيمانا نفعهم وآمنوا قبل حضور الموت، وغيرهم إما أن يكون كاذبا في إيمانه كقوم فرعون، وإما بعد حصول الموت كالذين قال فيهم: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ﴾ ٤ الآية. وقال تعالى: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ ٥ الآيات، وفسر الازدياد كفرا بالإصرار
_________
١ سورة هود آية: ١١٦.
٢ سورة النساء آية: ١٨.
٣ سورة يونس آية: ٩٨.
٤ سورة غافر آية: ٨٥.
٥ سورة آل عمران آية: ٨٦.
1 / 60