فلا يكون مقتضى هذا الدعاء حاصلا في حقه، لعدم العلم، لا لنسخ الشريعة؛ كما يعاقب بأن يخفى عليه من الطعام الطيب ما هو موجود، وأن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، قد قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ ١. وهذا مما يعلم به قوله: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ ٢، ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ٣ الآية. وفي آخر خلافة عثمان فصاروا في فتنة قال الله فيها: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ ٤ إلخ. وصار ذلك سببا لمنعهم كثيرا من الطيبات، وصاروا يختصمون في متعة الحج ونحوها، وبعضهم يعاقب من تمتع، وكل منهم لا يعتقد مخالفة الرسول، لكن خفي العلم بسبب الذنوب. والنّزاع في الأحكام قد يكون رحمة إذا لم يفض إلى شر، وإن كان الحق واحدا فقد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه، لما في ظهوره من الشدة، ويكون من باب قوله: ﴿لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ ٥ إلخ، وهكذا ما يوجد في الأسواق من الطعام والثياب.
(٨٤) قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ وما قبله
فيه ثلاثة أصول:
الأول: لا تزر وازرة وزر أخرى.
الثاني: ليس له إلا ما سعى.
الثالث: أن سعيه يرى ويجزاه الجزاء الأوفى.
وهذه أصول
_________
١ سورة آية: ٢-٣.
٢ سورة النساء آية: ١٢٣.
٣ سورة الزلزلة آية: ٧.
٤ سورة الأنفال آية: ٢٥.
٥ سورة المائدة آية: ١٠١.
1 / 58