وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ ١، وإرادة كونية كقوله: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ﴾ ٢ الآية. أخبر الله أنه يريد أن يتوب على المؤمنين، وأن يطهرهم، وفيهم من تاب ومن لم يتب، ومن تطهر ومن لم يتطهر، فلا يلزم بالآية ثبوت دعوى العصمة والإمامة، ثم أزواجه ﷺ مذكورات بالآية والخطاب، وتنازعوا في آل محمد قيل: أمته، وقيل المتقون منهم، والصحيح أنهم أهل بيته وأزواجه من آله. وفي الصحاح أنه قال: "وددت أني رأيت إخواني. قالوا: أو لسنا إخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني" ٣ وإذا كان كذلك فأولياؤه المتقون بينه وبينهم قرابة الإيمان، والقرابة الدينية أعظم من القرابة الطينية، والقرب بين القلوب والأرواح أعظم من القرب بين الأبدان، ومن كان فاضلا من آله فهم أولياؤه بهذا الاعتبار، لا لمجرد النسب، والقرآن لا يدل على ثبوت الطهارة وإذهاب الرجس، ودعاؤه ﷺ يدل على وقوعه، فإن دعاءه مجاب، ولفظ الرجس أصله القذر، ويراد به الشرك كقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ ٤، ويراد به الخبائث المحرمة، كقوله ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ ٥. ونحن نعلم أن الله أذهب عنهم الرجس والخبائث، وقوله: ﴿وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ ٦ سؤال مطلق، فمن تاب أو وقع ذنبه مكفرا أو مغفورا، فقد طهره الله تطهيرا.
_________
١ سورة النساء آية: ٢٦.
٢ سورة الأنعام آية: ١٢٥.
٣ النسائي: الطهارة (١٥٠)، وابن ماجه: الزهد (٤٣٠٦)، وأحمد (٢/٣٠٠،٢/٤٠٨)، ومالك: الطهارة (٦٠) .
٤ سورة الحج آية: ٣٠.
٥ سورة الأنعام آية: ١٤٥.
٦ سورة الأحزاب آية: ٣٣.
1 / 56