وقول آخر قال بن يوسف صلى الله عليه قال: هذا على الاستفهام أنكم لسارقون على معنى { وذو النون إذ ذهب مغاضبا أن لن يقدر عليه } . على طريق الاستفهام، لأن نبي الله صلى الله عليه لا يظن أن الله عز وجل لا يقدر عليه والعرب تستفهم بغير ألف في كلامها. قال الشاعر:
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ... شعيب بن سهم أم شعيب ابن منقر
يريد أشعيب بن سهم أم شعيب بن منقر، فكل هذا قد قيل في تفسير هذه الآية، وقول أمير المؤمنين أحسنها عندي وكلها حسن جائز، وقد أعلمتك بما قال أهل العلم فيها، فافهم ذلك موفقا إن شاء الله. وإنما أراد يوسف صلى الله عيه بوضع الصواع في رحل أخيه ليأخذه به من أخوته، لأنه لم يكن يمكنه في دبن الملك أن يأخذه والأنبياء صلوات الله عليهم فلا تفعل فعلا إلا بأمر الله عز وجل، وذلك قوله سبحانه: { كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دبن الملك إلا أن يشاء الله } . فكل فعل من ذلك بإذن الله، لأن إذن الله عز وجل هو أمره، فهذا هو الحجة البينة في هذا الباب، وما أمر الله به فلا يعب فيه ولا إثم لوا كلام لمتكلم، قوله الحق وأمره الصدق، لا إله إلا هو العلي العظيم.
60- وسألت عن الجواب للمجبرة في قولهم أنه لم يكن بد لقريش من
الخروج إلى بدر في حرب رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم فإن قال لهم أهل العدل: بلى قد كان لقريش بد من الخروج لو أرادوا ذلك. قالت المجبرة لأهل العدل: فأذن يلزمكم أن الله يخلق قوله في قولكم وأنتم تقولون أن الوعد والوعيد شيء لا ينتقض ولا يخلف، فنحن نلزمكم أنه يخلق وعده في قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأصحابه { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين } . وهذه يلزمكم لنا أنه لم يكن بد لقريش من الخروج إلى بدر في حرب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله؟
قال أحمد بن يحيى صلوات الله عليه: إن الله تبارك وتعالى إنما أخبر عنهم في معصية ولا يخرجهم من طاعة، فأخبر بما يختارون.
Sayfa 35