22

Masabeeh al-Durar fi Tanasub Ayat al-Qur'an al-Karim wa al-Suwar

مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

Yayıncı

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Baskı Numarası

العدد١٢٩-السنة ٣٧

Yayın Yılı

١٤٢٥هـ

Türler

أما عَن ثَانِيَة الحجتين، وهى مَا تتَعَلَّق بالمقارنة الَّتِي عقدهَا الشَّيْخ الشَّوْكَانِيّ بَين من يطْلب الْمُنَاسبَة فِي الْآيَات والسور، وَبَين من يطْلبهَا فِي كَلَام أحدِ من الشُّعَرَاء أَو البلغاء - وَهِي أَيْضا مَأْخُوذَة من كَلَام الْعِزّ فِي أمثلته الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرهَا فِي سِيَاق حَدِيثَة -؛ فَهِيَ أَضْعَف من الأولى ﴿ فَهَذَا، أَولا، قِيَاس مَعَ الْفَارِق - كَمَا يَقُول الأصوليون -.. بل مَعَ عَظِيم الْفَارِق﴾ فَإِن ثمَّة حدا فاصلًا لَا يحدُّ - وَلَا يَكْفِي أَن نقُول فِيهِ إِنَّه كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ﴿- مَا بَين كَلَام الله وَكَلَام خلقه. فَكَلَامه ﷿ صفة من صِفَاته الْقَدِيمَة؛ فَهُوَ كَامِل كمالَه - سُبْحَانَهُ -. وَأما كَلَام خلقه؛ فَعَلَيهِ سمةُ عجزهم وضعفهم وضآلتهم إِذا مَا قيس بِكَلَام أنبيائه - عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام -.. فَكيف إِذا مَا قيس بِكَلَامِهِ هُوَ ﷾؟﴾ وَأما ثَانِيًا؛ فلأننا لَا نسلِّم بِمَا قَالَه الشَّوْكَانِيّ من أَن تطلُّب الْمُنَاسبَة فِي كَلَام شَاعِر أَو بليغ عَبث من الْعَبَث، أَو محَال من الْمحَال.. فثمة دراسات مستفيضة فِي علم النَّقْد الأدبي تقدِّر أهمية التمَاس مثل هَذِه الْمُنَاسبَة - على نَحْو مَا -، فِيمَا سَمَّاهُ أهل النَّقْد (الوَحْدة العضوية) . وثمة دراسات تطبيقية متكاثرة على عُيُون من أدبنا الْعَرَبِيّ - والآداب العالمية عُمُوما - تثبت، بِمَا لَا يدع مجالًا للشَّكّ، أَن هُنَاكَ روحًا خَاصَّة تسرى فى كَلَام كل واحدٍ من فحول الشُّعَرَاء الموهوبين، وفطاحل البلغاء المطبوعين.. وَأَن هُنَاكَ مسحةً خَاصَّة لكل وَاحِد مِنْهُم، تظهر فِي تضاعيف كَلَامه، وَبَين سطور إبداعه، وتتيح لذوى الحساسية الْعَالِيَة فِي التذوق تَمْيِيز كَلَام أحدهم عَن الآخر.. وَلَكِن لايدرك هَذَا إِلَّا غوَّاصٌ خَبِير، وَلَيْسَ كل من قَرَأَ بَيْتا أَو بَيْتَيْنِ، وَلَا ديوانًا أَو ديوانين! وَلَعَلَّ التعمق فِي دراسة مثل (دَلَائِل الإعجاز) و(أسرار البلاغة) للشَّيْخ

1 / 34