ولحظها تلعب معه كالرمح السيف إلى أن صادته بلحظها المكسور وأمسى قلبه وهو في يدها مأسور فأنشأ يقول:
أرى ماءً وبي عطش شديد ... ولكن لا سبيل إلى الورود
فأضمر بهرام في نفسه أنه إذا رجع إلى محل ولايته يطلب هذا الرئيس ويصاهره على هذه الكريمة ويعطيه هذه القرية مع أمثالها فما استتم الخاطر حتى جاء الراعي وقال للرئيس: إن الغنم قد فاضت ضروعها حتى صارت تشخب على الأرض وقد ملأنا اللبن جميع ما كان عندنا من الأوعية ولم نجد لذلك موضعًا فقالت البنت لا شك أن نية الملك انصلحت في حقنا حتى أعاد الله تعالى الخير علينا فتعجب بهرام من ذلك إذ بلغه فلما أصبح توجه إلى محل ولايته وأرسل إلى ذلك الرئيس وأمضى ما كان نواه وعقد على بنته وأقطعه النواحي والقرى وأعطاه ما تمنى ثم قال مرزبان: إنما أوردت هذه الحكاية لتعلموا أن الزمان تابع لنية الملك وقد قيل عدل السلطان خير من خصب الزمان وإذا لم يكن الملك على الرعية بارًا ولا عليهم شفوقًا ولا متجاوزًا عن مسيئهم ومقبلًا على محسنهم فالأولى لهم أن يهاجروا من بلادهم ويخرجوا من مملكته قال الله تعالى لنبيه ﵊: ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك وينبغي أن لا يؤاخذ أحد بجريمة أحد قال الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ولو طولب بذلك أحد لفسدت المملكة واضطربت الرعية واختل نظام الملك ولو فعل ذلك من تقدم من الملوك لما بقي للمتأخرين شيء وخربت الدنيا من أول الأمر وينبغي لمن باشر أمر الرعية أن يكون شديد الفكر والرأي صدوق القول متفكرًا في العواقب عادلًا بين الخاص والعام شفوقًا على اليتيم ثابتًا في النوازل مشغولًا بتهذيب نفسه واضعًا الأشياء في محلها مقيمًا كل أحد في محله ومنصبه ومقامه لا يتعداه حتى
1 / 26