وخيل إلي أن قصة درية قد اكتملت، ولكن ساورتني - وما تزال - شكوك كثيرة. وشاءت الظروف أن نتعرف - أنا وصادق - إلى حرم الدكتور زهير كامل معا، ودعاهما الدكتور صادق عبد الحميد إلى رحلة في أوبرج الفيوم، ولم يصطحب زوجته معه بحجة انشغالها بالأولاد. وبعد مرور عام قال لي الأستاذ جاد أبو العلا في صالونه: إني رأيتهما معا!
فسألته عمن يعني فقال: نعمات عارف والدكتور صادق عبد الحميد في كنج مريوط.
فقلت وأنا أداري انزعاجي: لعلها ...
فقاطعني ساخرا:
وقالوا تراها يا جميل تبدلت
وغيرها الواشي فقلت لعلها
وقلت لنفسي إن الدكتور الممتاز يحتاج إلى مزيد من الدراسة عن جانبه العاطفي. وظل يتحدث في السياسة والفن ولكنه لم يشر بكلمة إلى حبه الجديد، وواصل زياراته للدكتور زهير كامل، وقام بتمثيل دور الصديق والمعجب كما كان يفعل من قبل، وهو ما ساءني منه وأثار اشمئزازي، وضاعف من إثارتي أني رأيت في نفس العام درية في سيارة جاد أبو العلا، وهو ينطلق بها في طريق الهرم، وللحال تذكرت فيلته بالهرم التي حدثني عنها عجلان ثابت عندما أخبرني بعلاقته - جاد أبو العلا - بأماني زوجة عبده البسيوني، ها هي درية تجرب حظها مرة أخرى مع رجل عابث لا يوفر الأمان لأحد. وضقت بهمومي الأخلاقية، وتذكرت الكثيرين ممن يصفونها بازدراء بقولهم «برجوازية»، وقلت لنفسي إنه لمن حسن الحظ أنه لم يبق لنا طويل عمر في هذه الحياة المتعبة الفاتنة.
صبري جاد
تعين بإدارة السكرتارية في أواخر عام النكسة. كان في الثانية والعشرين من عمره، ومن حملة ليسانس الفلسفة، ومن أول يوم جعلت أرمقه بحب استطلاع، وأنتظر على لهف اليوم الذي يكاشفني فيه بطويته فيصلني بهذا العالم الجديد الغريب. وكان من أصل ريفي ولكنه نشأ وتربى وتعلم في القاهرة، في أسرة متوسطة، ابنا وحيدا بين ثلاث بنات توظفن وتزوجن. ويوما سألني: حضرتك تعرف الأستاذ عباس فوزي؟
فأجبته بترحيب: طبعا، كان رئيسنا حتى أحيل إلى المعاش منذ أعوام. - أين يقيم الآن؟ - في عابدين، أتريد أن تقابله؟ - نعم، أريد منه حديثا لمجلة العلم. - أنت صحفي بها؟ - تحت التمرين. - ما رأيك أن نزوره معا؟ .. فإني لم أره من مدة غير قصيرة.
Bilinmeyen sayfa