Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih

Ubaidullah al-Rahmani al-Mubarakpuri d. 1414 AH
91

Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Yayıncı

إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية

Baskı Numarası

الثالثة - ١٤٠٤ هـ

Yayın Yılı

١٩٨٤ م

Yayın Yeri

بنارس الهند

Türler

قلت: يا رسول الله أفلا أبشر به الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا» متفق عليه. ٢٥- (٢٤) وعن أنس أن النبي ﷺ، ومعاذ رديفه على الرحل، قال: يا معاذ! قال: «لبيك يا رسول الله ــ فإذا علم أن الإقرار والتصديق والعمل بالفرائض والاجتناب عن المعاصي يكفي له في نجاته من العذاب وتخليصه منه ذهب يقنع ويتكاسل عن السنن والمستحبات ولا يجتهد في تحصيل الدرجات العليا، وهذا أمر كأنه جبل عليه، ولا شك أن الاكتفاء بالفرائض والواجبات والتقاعد عن السنن والنوافل نقيصة وحرمان عن المدارج العالية، فمنع النبي ﷺ معاذًا أن يخبر به لئلا يتكلوا وليجتهدوا في معالي الأمور، والدليل على أن المراد من الاتكال الآتي في الحديث الاتكال عن السنن والنوافل ما رواه الترمذي في صفة الجنة عن معاذ بن جبل أن رسول الله ﷺ قال: «من صام رمضان وصلى الصلاة وحج البيت – لا أدري أذكر الزكاة أم لا – إلا كان حقًا على الله أن يغفر له إن هاجر في سبيل الله أو مكث بأرضه التي ولد بها، قال معاذ: ألا أخبر بها الناس؟ فقال رسول الله ﷺ: ذر الناس يعملون فإن في الجنة مائة درجة، والفردوس أعلا الجنة وأوسطها، قال: فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس»، ففيه ذكر الفرائض أيضًا والتحريض على الدرجة العلياء، ويدل عليه أيضًا ما رواه أحمد عن معاذ، وسيأتي في آخر الفصل الثالث، فظهر أنه لم يرد في الحديث المجمل الاتكال عن الفرائض كيف وترك الفرائض لا يرجى من عوام المؤمنين وشأن الصحابة أرفع. (أفلا أبشر به الناس) الهمزة للاستفهام، ومعطوف الفاء محذوف، تقديره: أقلت ذلك فلا أبشر، وبهذا يجاب عما قيل إن الهمزة تقضي الصدارة والفاء تقتضي عدم الصدارة فما وجه جمعهما؟ قاله العيني. وقال القاري: الفاء في جواب الشرط المقدر أي إذا كان كذلك أفلا أبشرهم بما ذكرت من حق العباد، والبشارة: إيصال خبر إلى أحد يظهر أثر السرور منه على بشرته، وأما قوله: ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾، فمن الاستعارة التهكمية (لا تبشرهم) بذلك (فيتكلوا) منصوب في جواب النهي بتقدير أن بعد الفاء أي يعتمدوا ويتركوا الاجتهاد في حق الله تعالى، فالنهي منصب على السبب والمسبب معًا أي لا يكن منك تبشير فاتكال منهم، قال الطيبي: وإنما رواه معاذ مع كونه منهيًا لأنه علم أن هذا الإخبار يتغير بتغير الأزمان والأحوال، والقوم يومئذٍ كانوا حديثي عهد بالإسلام ولم يعتادوا بتكاليفه، فلما استقاموا وتثبتوا أخبرهم به بعد ورود الأمر بالتبليغ والوعيد على الكتمان والتضييع، ثم إن معاذًا مع جلالة قدره لم يخف عليه ثواب من نشر علمًا، ووبال من كتمه ضنًا فرأى التحديث به واجبًا، ويؤيده ما ورد في الحديث الذي يتلوه: فأخبر به معاذ عند موته تأثمًا. انتهى (متفق عليه) أخرجه البخاري في الجهاد وفي الاستئذان وفي الرقاق وفي التوحيد، وأخرجه مسلم والترمذي في الإيمان وأبوداود في الجهاد مختصرًا. ٢٥- قوله: (أن النبي ﷺ ومعاذ رديفه على الرحل) أي راكب خلفه ﷺ، والجملة حالية معترضة بين اسم أن وخبرها، والرحل أكثر ما يستعمل في البعير لكن معاذًا كان في تلك الحالة رديفه على حمار كما مر، فيأول بما تقدم في كلام النووي (قال: يا معاذ) في محل الرفع لأنه خبر أن المتقدمة (لبيك) بفتح اللام مثنى مضاف بني للتكرير والتكثير من

1 / 90