63

Kur'an'da Kadın

المرأة في القرآن

Türler

فهؤلاء الماديون الاقتصاديون يجرون على ديدنهم في توزيع الحقوق، بمقدار ما فيها من الاستثارة والإغراء بالفوضى والعصيان، وحقوقهم التي يغدقونها على المرأة لا تشرفها ولا تستحق منه الغبطة والرضوان إن نظرت إلى معناها، فإنهم لم يهبوا لها المساواة إلا بعد إنكارهم لجميع المزايا وهبوطهم بالقيم الإنسانية إلى حضيض لا ترتفع فيه قمة، ولا يعلو فيه رأس على رأس، ولا يأذن بشيء غير المساواة بين أعظم إنسان وأتفه مخلوق من ضعفاء العقول والأخلاق. فالمرأة في دعوتهم سواء؛ لأن كل شيء سواء، ولأنه لا يوجد في الخلق غير هذا السواء.

فمساواتهم قائمة على التجريد من المزايا، لا على الاعتراف والتسليم بالمزايا المحرومة، وقوامها السلب والهدم، ولا قوام لها على الإعطاء والبناء.

ودستور هذه الفلسفة المادية الاقتصادية، أن الأحياء جميعا سواء في الصفات، وأن الفوارق إنما تعرض لهم من البيئة والظروف، وعندهم أن البيئة والظروف في العالم الإنساني هما كلمتان مرادفتان لعوامل الإنتاج.

وكل هذا من اللجاجة الخاوية التي لا تقول شيئا نافعا لأنها لا تقول، ولا تعرف ما هي جميع العوامل الظاهرة والخفية التي تؤدي إلى تعدد الفوارق بين الأحياء.

فهذه الفوارق محسوسة مدركة في كل مكان وفي كل شيء، وفي الأرض؛ حيث يعيش الإنسان ويعيش معه سائر الأحياء، أو في السماء حيث تجول الأجرام السماوية في كل مجال.

وننظر إلى السماوات الفساح، فلا نرى فيها نجمين اثنين يتشابهان في الحجم، والسرعة، وقوة الإضاءة، وشحنة الجو، وفعل الجاذبية، وقدم النشأة والدوران.

وعلى الشجرة الواحدة التي تسقى بماء واحد، وتتلقى النور من جو واحد، تنظر إلى فرع من فروع الغصن الكثيرة فلا ترى عليه ورقتين اثنتين تتشابهان في صبغة اللون، أو في رسم الشكل، أو في خطوط النقش، أو في عدد الزوايا حول حوافيها، أو في صفة واحدة من الصفات التي تدرك بالحواس، فضلا عن الصفات التي لا تدرك بغير المجاهر ومواد التحليل. •••

فمهما يكن من معنى البيئة والظروف عند الماديين الاقتصاديين فهو شيء لا يحصر، ولا يمنع الفوارق بين الأشياء، وكل ما يمنع هذه الفوارق فهو شلل في صميم التكوين، يتغلغل إلى أعمق الأعماق في ورقة الشجرة، وقطعة الخشب، ودع عنك ضمير الإنسان وعقل الإنسان.

ولكن القول بمنع هذه الفوارق لازم للدعوة التي تهدم كل قمة، وتسوي القمم بالحضيض، وعندئذ تنعم المرأة عندهم بالمساواة؛ لأنه ما من شيء في الدنيا أقل من هذه المساواة لا لأن المساواة تحلها في مكان ترتفع إليه.

وكلها دعوات عند أصحابها لا حقيقة لها إلا أنها ذريعة من ذرائع التحريض والتهييج، تعطي المخدوعين بها من الرضى بمقدار ما تحفزهم إلى السخط والنقمة، وفي سبيلها ينهدم - فيما انهدم من القيم الإنسانية - أشرف مكان تلوذ به المرأة النافعة، وهو مكانها في الأسرة. وذنب الأسرة عند أعداء المزايا الإنسانية أنها نظام ينقل ميراث المزايا وآداب العرف والعقيدة، كما ينقل ميراث الأرزاق. ولا بد أن تكون نفاية ضائعة حقا تلك المرأة التي تقصر بها آمالها الأنثوية دون التطلع إلى منزلة ربة الدار وأم البنين، فلا يرفعها في نظر نفسها إلا أن تكون واحدة من قطيع الإناث! •••

Bilinmeyen sayfa