ومن البين أن كل متضادين فإنما شأنهما أن يكونا فى شىء واحد بعينه: فإن الصحة والمرض فى جسم الحى، والبياض والسواد فى الجسم على الإطلاق، والعدل والجور فى نفس الإنسان.
وقد يجب فى كل متضادين إما أن يكونا فى جنس واحد بعينه؛ وإما أن يكونا فى جنسين متضادين؛ وإما أن يكونا أنفسهما جنسين: فإن الأبيض والأسود فى جنس واحد بعينه، وذلك أن جنسهما اللون. فأما العدل والحق ففى جنسين متضادين، فإن الجنس لذاك فضيلة، ولهذا رذيلة. وأما الخير والشر فليس فى جنس، بل هما أنفسهما جنسان لأشياء.
[chapter 12] فى المتقدم
يقال إن شيئا متقدم لغيره على أربعة أوجه: أما الأول وعلى التحقيق فبالزمان، وهو الذى به يقال إن هذا أسن من غيره، أو هذا أعتق من غيره. فإنه إنما يقال أسن وأعتق من جهة أن زمانه أكثر.
وأما الثانى فما لا يرجع بالتكافؤ فى لزوم الوجود، مثال ذلك أن الواحد متقدم للاثنين، لأن الاثنين متى كانا موجودين لزم بوجودهما وجود الواحد. فإن كان الواحد موجودا فليس واجبا ضرورة وجود الاثنين، فيكون لا يرجع التكافؤ من وجود الواحد لزوم وجود الاثنين. ومظنون أن ما لا يرجع منه بالتكافؤ فى لزوم الوجود فهو متقدم.
Sayfa 48