قال القسم بن جريال: فلما بث قرن مقامته، وفت الأفئدة بقضب مقالته ومض الجوارح لتقويض رحاله، ورض الجوانح بخسيس ترحاله، لحظ الأمير الغلام، وقال: ذو ذكر والدك علام فقال: أشعر الشجاع الشارخ، والشراع الشامخ، الأهش الشنخوب، الأبش الشؤبوب، الأشسع الشديد، الأخشع الرشيد، الشمري الشكور، الشمرذلي المشكور، شيد مشيد شجاعته، وشرد مشاحنه بجيش شراسته، وشكرت شيم شارق مناشدته، وشهرت أشعة شوارق شدته وشرقت شهب شهامته، وأشرقت شموس شنشتته: شأن الشيخ المنكمش، بالشجى، المحتوش الحشا، الأشهب الشواة، الأشيب لمباشرة الشياة، فشأنه شهد شؤم شقيقي المنشمي مشرفيًا لشبل الشميذر العبشمي ليشاهد شحذ شفرته، لانتشار شدة شهرته، بشرب كالشياطيم، شم الخياشيم، فشمر تشذره، وشذر شوذره، وشمر بشذاته شمرة شقت شؤون شواته، وشمرة شهرت حشاه، ونشرت شعر حشد حشاه، فشدي نشوة الشراب، ونشأة الشباب، فشمت شطبًا يقشع المشاحن، ويشرع الجواشن، ويشده المشاقق، ويشبه المشارق، بشطر أشهب كالشعاع، وشطر أشكل لمشابكة الشعاع، وشددت شدة شردت شذب حشاشته، وشيدت شدائد شقاوته، وشدقت بمشافهة مناقشته، وشققت شقاشق مشاققته فشب شرر شرهم شبا وشابوا بقشيب الشدو قشبا، وشهى شرب الشرب شغبا فانحشر معشرهم للمشيج بالنشيج، ومعشرنا للشجيج، بالوشيج فشرب شرذمة شقاق مشاجراتنا، وشبم شمول شيم مشرفياتنا وفشل شرذمة مستشفعين بالجيش المشروح، بشفتي شيخنا المشهور المشروح، فشيدهم بحشر يشيب الشعور، ويشذب الشعور فشتت شملنا باشتداده، ومشاغبة انحشاده، فاحتوشت إشرافنا الشعوب، وشعبت شعبنا شعوب، وكشط شواتي شهود وشحط أشبالنا مشهود: الطويل.
فارشد شريدًا شفه غشم غاشم ... غشوم مشوم باشتهار المشاهد
وشرد بجيشي جاش شد وشدة ... شذى شرهم شبه الشجاع المشاهد
فشعري وشعري شاهدان بشقوتي ... وشيخي كشيخي بالنكاية شاهدي
قال: فحين باهى بشينيته، وضاهى أباه في سينيته، أخرج عضبه وهو من سيول الدما كاب، والذب عن خدور الدمى ناب، ثم أشار بيده إلى رأسه فجعل دمه يتساقط على رئاسه فتشققت لصابهما غلائل الشموع وتدفقت لمصابهما أفواه هموع الدموع، ولما فترت رنة الحي وانكدرت أنة ذلك الشي، قال لهما الأمير: اعلما أن حي جريحكم ومن هلك بدبور ريحكم، نقوى على كفاحه، وإن عظم وميض صفاحه، وأما بنو سعد فلا نصبر على نزالها، ومبارزة أسود عرزالها، ومع ذلك فشقتهم بعيدة، وشوكتهم شديدة، وإنما نمدكما بما يفيض حياض خالكما، ويبيض وجوه حالك، حالكما، ثم قال لوصيفه: اذهب ذهاب الغروب، وآتهما بما تخلف من النضار المضروب، فعاد بمائة مصرورة، في أسرع صيرورة، فركض الشيخ ركض المقاطعين، وقبض نطاقها قبض الضابط تسعة وتسعين، ثم إنه أخلى خباء لمنامهما، بعد إعداد طعامهما، وقال لي: كن الليلة سميرهما، ليذهب بغيض همهما، وينضب بعيض ماء غمهما فذهبت بهما إلى خبائه، وأكرمتهما إكرام أحبائه، وأقبلت على مسامرتهما، لأخبركنه مبادرتهما، والشيخ مشدود لثامه، مسدود انسجامه، لا يقلع عن صماته، ولا يقطع طلع مقاصاته لاستصحاب حصاته من حصاته، فأخذت أسبر الغلام، وأنشر الدمقس والثغام لأرقا بسلم الاستماع، وأربأ بمعرفة ذلك المصاع، فنهد أبوه كالأسد المشبل، وأزبد كالمدد المسبل فعلمت أنها نبيلة من سكره الكرار ورذيلة من غدره الغرار، ثم إنه قهقه قهقهة من تزعزع وقد ناره، وترعرع وفد ثاره، وقال: يا بني قم فاغسل الدم الثقوب، المشبة بدم قميص ابن يعقوب، فما يريده القدر محتوم، وليس عن القسم وعاء غرض مختوم، فأيقنت حينئذ أنه المصري سرحان غاب الاغتراب وأفعوان رغاب الارتعاب، ثم إني ملت بعد ابتسامه، إلى تقبيل بنامه وبت أقتني نفائس أنفاسه، وأجتني مغارس استيناسه، إلى أن انهزم الليل بجيش النهار المجر، وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ولما رسخت زواخر يمه، وسخرت بابن ذكاء محاسن بهجة أمه، أقبل إليه القوم مهرعين، ولوداعه مسرعين، فكنت له من المودعين، ولما أعقل به من المودعين.
المقامة الخامسة التوأمية
1 / 13