============================================================
ومما اتفق فيه الطبيعيون قولهم: إن العناصر أشد بساطة من الأمهات.
ورأوا أن الأمهات مركبة منها، أعي من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة.
وكذلك الأمهات عندهم أبسط من المواليد التي هي المعادن، والنبات، والحيوان.
فإذا جاز أن يكون شيء مركب من شيء، هو أشد بساطة من الشيء الذي ركب منه، جاز أن يكون في غاية البساطة واللطافة شيء منها حدث تركيب العسالم الجسماني بأجزائه وصوره. وإنما حعل الله تعالى البساطة علة الكثائف ليكون الطائف واسطة بين الكثائف [131] وبين أمره الذي به قامت الخلقة من البدء إلى الانتهاء. فاعرفه.
وإنما وقع هولاء المعطلة بالحيرة والشبهة من الإنكار بكون الشيء المركب القيل ذي الكثافة من الشيء البسيط الخفيف ذي اللطافة. لأنهم حسبوا أن البسيط الروحاني غير متصرف بين الأزمنة وأحوالها، وأن المركب كان منها بمعاونة1 الزمان وامتداده ها. ولم يجدوا ها في الشاهد مثالا يستدلون به عليها، ولو علموا أن كون المركب الثقيل من البسيط اللطيف بحيث لا يكون لامتداد الزمان لها طريق. لأن العالم المركب مبدع الجوهرية بتوسط2 الروحانية، يكون النظم والترتيب ممن3 هو عليه.
وما هو محصول الابداع، وإن كثرت وسائط4 عجز الزمان عن الامتداده به. فإذا كان حوهره من العالم البسيط بحيث لا يكون للزمان به امتداد. وما خرج عن امتداد الزمان به عجزت النفس عن الإحاطة به، وبكيفية كونه كما عحز السابق. فمن دونه عن الإحاطة بكيفية كون الأشياء لا من شيء. فاعرفه.
ولما كان كل محيط من الجسمانيين، فإن توهم المحاط أنه قد خرج من ركما في ز، وفي ه: معاونة.
3 كما في ز، وفي ه: بتوسطة.
3 ز: لمن.
4 ز: وسائطه.
ه ز: الامداد.
Sayfa 171