ترجمة / الإمام محمد بن القاسم الرسي عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
سيرة مختصرة للإمام الأعظم ، والبحر الخضم ، والبدر الأتم
محمد بن القاسم الرسي (ع) .
نسبه الشريف :
هو محمد ( قاموس العترة ) بن القاسم ( الرسي ) بن إبراهيم ( طباطبا ) بن إسماعيل ( الديباج ) بن إبراهيم ( الغمر - الشبه ) بن الحسن ( المثنى - الرضا ) بن الحسن ( السبط ) بن علي ( الوصي ) بن أبي طالب ( ناصر رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ) .
سلسلة من ذهب********منوطة بالشهب
أكرم بها من سلسلة*****بين وصي ونبي
قد صانها رب السما*****من شائبات النسب
مولده الشريف :
ولد ما بين سنة ( 198 - 202 ه ) .
نبذ مختصرة عن سيرته سلام الله عليه :
أكثر ما وردنا عن سيرة قاموس العترة أبي عبدالله محمد بن القاسم (ع) هو عن طريق حفيده ( الإمام المنصور بالله القاسم العياني بن علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي (ع) ( 310-393ه ) عن طريق والده علي بن عبدالله عندما سئل عن مسائل تخص أبو عبدالله محمد بن القاسم الرسي وسيرته فأجاب عنها ) .
وأيضا من ضمن ما جاء عن سيرة قاموس العترة كان عن طريق ( علي بن محمد بن عبيدالله بن عبدالله بن عبيدالله بن الحسن بن عبيدالله بن أبي الفضل وقمر أهل البيت شهيد كربلاء العباس بن علي بن أبي طالب (ع) ، وهو وأبوه ممن رافقوا الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي (ع) من الرس بالمدينة المنورة إلى اليمن ، وهو كاتب سيرة الإمام الهادي المطبوعة ) . وسنلخص سيرته (ع) وأهم ما جرى في عصره بالتالي :
ملاحظة / اختصرنا بعض الكلام لطوله ، وحرصنا على إبراز نص الروايات كاملة فيما بين (( .. ))، وما جاء بين الشرطتين - ... - فهو للتوضيح وليس من النص .
[ فضل أبي عبدالله محمد بن القاسم الرسي (ع) ]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي - والدي - علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي ، حدثني أبي - والدي - عبدالله بن محمد ، وعمي عبدالله بن الحسين بن القاسم الرسي ، عن الحسين بن القاسم الرسي أنه قال : سمعت أبي القاسم - الرسي - بن إبراهيم وهو يقول : (( صحبت الصوفية - أي الزهاد والمتورعين - أربعين سنة ، ودرت الشرق والغرب ، ولم أر رجلا أشد ورعا من ابني محمد )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/96]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي ، حدثني عمي عبدالله بن الحسين بن القاسم الرسي فقال : (( رأيت عمي أبا عبدالله في ليلة من الليالي وهو يطوف بالكعبة في وقت من الليل ، لم يكن يطوف بالكعبة فيه أحد من النتس إلا هو ، ورأيته من حيث لم يرني ، فلما قضى طوافه ، رأيته وقد رفع يده وقد تطقطقت عضداه من الكبر ، فدعا الله بما شاء من الدعاء وقال : اللهم إن كنت رأيتني حيث نهيتني فلا تغفره لي ، ثم وضع رجلا على رجل ، وقال : اللهم إن كنت مشيت بهما حيث تكره فلا تغفره لي )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/96]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي ، حدثني أبو القاسم طاهر بن يحيى الحسين الحسيني فقال : (( كانت بنو أبي طالب إذا أتى محمد إلى جماعتها لا يتكلم بين يديه منها متكلم ، إلا من بعد كلامه )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/96]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي ، حدثني أبو القاسم طاهر بن يحيى الحسين الحسيني فقال : (( ورأيته - أي رأى أبو عبدالله - وهو في المسجد الحرام ، وقد مر ابن أبي ميسرة يختال ويخطر في مشيته ، فحصبه بكف من حصا ، وقال له : تعال . فلما وقف بين يديه زجره ، وقال : قد بلغني كلامك في بني أبي طالب ، فارتعد ولم يحر جوابا ، وقد كان - ابن أبي ميسرة - من رؤساء هذه الدنيا ، وجبابرة أهلها ))
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/96]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي ، حدثني عبدالله بن طاهر ، عن أبيه أنه قال : (( كان قد وقع بين بني حسن وبين بني جعفر تلك الفتنة ، فكانت فتنة ظلم وطلي رياسة - رئاسة - ، فنهاهم - أبو عبدالله - عنها فلجوا عليه - أي لم يستمعوا له - ، فلم يدخل بينهم ، فلما اقتتلوا قتل من قتل وبقي في المعرك جرحى من الكل ، فرفعهم - أبو عبدالله - جميعا ، وجعل لهم من قام بهم ، وأجرى لهم النفقة الكافية حتى بروا ، ولحق كل حزب منهم بأهله )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/97]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي ، حدثني أبي عبدالله بن محمد ، قال : (( كان أبي محمد بن القاسم يتنزه عن أكب أرزاق السلطان )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/97]
[ خطبة القاسم الرسي لابنه أبي عبدالله محمد بن القاسم (ع) ]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي ، حدثني ابن بويه ، عن عبدالرحمن بن إبراهيم العامري أنه قال : (( بعثني القاسم - الرسي - بن إبراهيم صلوات الله عليه إلى أبي جعفر محمد بن جعفر بن عبيدالله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه ، بكتاب يخطب فيه ابنته فاطمة ابنة محمد بن جعفر لابنه محمد بن القاسم ، فكان من رد أبي جعفر على أبي محمد القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه أن كتب إليه : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، وصل كتابك أمتعنا الله بحياتك ، ووهب لنا طول عمرك ، تذكر فيه فاطمة بنت محمد بن جعفر ، لأبي عبدالله - محمد - والأمر فيها إليك ، وقد جعلت الزواج بيدك ، فأملكه على اسم الله وبركته وتوفيقه ، فمثل أبي عبدالله يخطب ولا يخطب ، ولقد امتلات سرورا بقربه منا ، وكينونته من جملتنا ، جمههما الله على الألفة ، وكفاهما شر إبليس اللعين برحمته .) ))
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/97] .
[ قيام أبي عبدالله بالدعوة إلى الرضا من آل محمد ، ومبايعته إماما ]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي : (( وكان محمد بن القاسم صلوات الله عليه قد باع من الله نفسه ، فخرج إلى الحيرة هو وأخوه سليمان بن القاسم ، فنزل على أشهب بن ربيعة صاحب المعدن ، فبايعه وأخذ له بيعة كثيرة ، وكانت له بيعة باليمن ، وأخذ له ابن الجوزي بيعة بمصر ، وكتب إليه وهو بالحجاز يخبره بمن بايع له وبكثرة أنصاره ، فلم ير صلوات الله عليه من التخلف بعد ما اتصل به من علم ذلك ما اتصل ، فخرج إلى مصر حتى كان بالعويبد ، ثم ورد عليه كتاب ابن الجوزي يخبره أن جنود بني العباس قد ضبطت البلد ، وأن كل من كان بايعه قد ذهب ونكث ببيعته ، ولم يكن رحمه الله صحبه من الحجاز إلا شرذمة تقل عن مكافحة العساكر ، من ولد الحسن والحسين وجعفر وعقيل ، وجماعة من قريش فيهم عبدالرحمن بن إبراهيم العامري ، ونفر من العرب يسير ، فكره صلوات الله عليه أن يلقي بشرذمة من المؤمنين قليلة إلى التهلكة ، ولم ير في دينه صلوات الله عليه أن يحملهم على السيف ، وقد تقرر عنده ما تقرر ، فردهم تقية فيهم حين علم قلة حداهم وكثرة عدوهم ، ونكث أهل العهد لبيعتهم ، فرجع عند ذلك غير مختار للرجوع ، بل راجع وهو مجد غير متوان ، دعاته في جميع البلدان ، وكانت له بيعة بطبرستان ، وكانت له بيعة بكرمان ، وكان صلوات الله عليه حريصا مجتهدا على القيام غير متوان ولا مقصر ، ألا تسمعون مخاطبته لأخيه سليمان بن القاسم - الرسي - في شعره الذي يقول فيه :
فصبرا جميلا يا سليمان وانتظر**** فكم من رجاء عاد ثم أمانيا
ثم يقول في هذه القصيدة البيت الذي يستشهد به على دعوته فقال :
وقد يعلم الله العليم بأنني ***** دعوتهم لو يقبل الله داعيا
ولكنه رحمه الله راجا أهل دهره بكقرة الغدر ، والإخلاف في الأمر ، حتى علت سنه ، ولزمه مرض في ركبتيه أزمنه ، فزال عنه فرض القيام عند ذلك ، فكان كما قال الله عز وجل : { فتول عنهم فما أنت بملوم }. ))
- ثم قال الإمام النصور بالله القاسم العياني (ع) -
- فهذا ذكر أبي رحمة الله عليه من فضائل أبي عبدالله وإمامته .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/98-99] .
[ قاموس العترة النبوية محمد بن القاسم ، وابن أخيه الهادي إلى الحق (ع) ]
[ دراسة الهادي إلى الحق ، على يد عمه محمد بن القاسم (ع) ]
- تتلمذ الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي على يد عمه محمد بن القاسم فأحاط فالمعقول والمنقول ، وبرع في شتى علوم الدين أصولا وفروعا وحديثا ورقائقا وأخلاقا ، حتى شهد له بالفضل أهل بيته بل شهد له القاصي والداني ممن اطلع على مصنفاته واجتهاداته ، وأشار السيد العلامة المؤرخ محمد بن محمد زبارة الحسني الصنعاني في ( خلاصة سيرة الهادي من أرجوزة الأئمة ) إلى تلمذة الهادي على عمه عندما قال :
ثم روى العلوم عن أبيه******* حفاظة الآل وعن عميه
عنهم سماعا ثم بالرواية **** عن علماء قادة أئمة
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي :
(( وأما الهادي - يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي - رحمة الله عليه ، فلم يقم - بالإمامة - حتى آل عمه - محمد بن القاسم - إلى الحال التي سقط عنه معه فرض القيام ، مما تقدم ذكره أولا في كتابنا هذا ، - يقصد مرض محمد بن القاسم الذي أقعده عن الخروج كما تقدم - ، وكان قيام الهادي قبل وفاة عمه عليهما السلام بسنة ، وعمه يومئذ زمن لا يقاوم ، وهو يعد إذ ذاك من السنين نيفا وثمانين سنة ، رحمة الله ورضوانه عليهما )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/99].
- قال علي بن محمد بن عبيدالله بن عبدالله بن عبيدالله بن الحسن بن عبيدالله بن أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب : سألت أبي محمد بن عبيدالله بعد وصولي إلى اليمن ، كيف كان خروج الهادي إلى الحق ؟ وكيف كان خروجكم ، وما لقيتم في سفركم ؟
[ ذكر صلاة قاموس العترة النبوية محمد بن القاسم ، بالهادي إلى الحق (ع) ]
فقال : (( يا بني ، خرجنا من عندكم من المدينة لهلال ذي الحجة ، فلما سرنا إلى الفرع - موضع في المدينة المنورة - يوما وكسر يوم ، فلما وصلنا لقينا الهادي إلى الحق ومعه أبوه الحسين بن القاسم وعماه محمد والحسن أبناء القاسم ، وعبدالله بن الحسين ( أخوه عليه السلام ) وجماعة فتيانهم ، فسلموا علينا وتحدثوا معنا ساعة ، ثم انصرفوا إلى منازلهم وصرنا إلى منازلنا ، ثم عاد إلينا عند حضور العتمة ، وكنا في مسجد قدام المنزل الذي كنا فيه ، فلما حضرت صلاة العتمة قمنا إلى الصلاة . فقال الهادي إلى الحق لعمه محمد بن القاسم : تقدم يا عم صل بنا ، فقال : سبحان الله يا بني لا يجوز أن أتقدم عليك ، فقال الهادي إلى الحق : قد جعلت الأمر إليك فتقدم فصل بنا . فتقدم محمد بن القاسم صلى الله عليه فصلى بنا العتمة ، فلما فرغ من صلاته وسلم ، إلتفت إلى الهادي إلى الحق فقال له : يا ابن أخي استغفر لي فإني قد تقدمت عليك وصليت بك ، وكنت أحق بالتقدم مني ، فقال له الهادي إلى الحق : غفر الله لك يا عم ، فلما سمعت يا بني كلام محمد بن القاسم للهادي إلى الحق ازددت رغبة فيه ومحبة له ... )) .
[ سيرة الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين ،برواية علي بن محمد بن عبيدالله العباسي العلوي ، ص 37 ].
[ وداع ودعاء أبي عبدالله محمد بن القاسم ، للإمام الهادي إلى الحق (ع) ]
ثم استطرد محمد بن عبيدالله رحمة الله عليه سرد القصة لابنه علي ، ذاكرا موقفهم حال سلام أهل الهادي إلى الحق عليه وموادعتهم له ، قبل الرحيل إلى اليمن ، فقال :
(( فلما أكملنا ما نحتاج إليه إذا بالهادي قد برز إلينا ومشايخه وأخوه وبنو عمه محدقين به ، فلقيناهم فسلمنا عليهم أجمعين ، وساروا معنا مشيعين لنا ساعة ، ثم أمر الهادي إلى الحق عليه السلام مشايخه بالإنصراف والوداع له ، فودعوه فسمعت عند وداعهم محمد بن القاسم رضي الله عنه وهو يقول : ( يا أبا الحسين لو حملتني ركبتاي لجاهدت معك يا بني ، أشركنا الله في كل ما أنت فيه ، وفي كل مشهد تشهده ، وفي كل موقف تقفه ) ، فازددت لذلك فرحا وسرورا ، وودعناهم وعادوا راجعين ، واستقمنا في سيرنا ... ))
[ سيرة الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين ،برواية علي بن محمد بن عبيدالله العباسي العلوي ، ص 38 ]
[ وصية أبي عبدالله محمد بن القاسم للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) ]
ثم قام محمد بن عبيدالله أثناء سيرهم ، بإخبار الهادي إلى الحق بما سمعه من دعاء عمه محمد بن القاسم أثناء موادعته له ، فقال رحمه الله :
(( فحدثته بما سمعت من عمه محمد بن القاسم رضي الله عنه ، فقال : قد أوصاني عمي محمد بن القاسم وقال لي : يا أبا الحسين أتراني أعيش إلى وقت توجه إلي مما غنمته ولو مقدار غشرة دراهم أتبرك بها ؟ ))
[ سيرة الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين ،برواية علي بن محمد بن عبيدالله العباسي العلوي ، ص 39 ].
[ إخوة أبي عبدالله محمد بن القاسم سلام الله عليه ]
[ الحسن بن القاسم الرسي (ع ) ]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي :
(( والحسن بن القاسم فقيه أهل زمانه رحمة الله عليه ، مع ما كان يذكر عنه من بصره بالأمور ، وحسن جواره للجيران ، ورحمته للأيتام ، وتحننه إلى الضعفاء من الأنام ، يبغي بذلك وجه الله ، ويتقرب به إلى رب الأرباب ، فعرفه الله صالح ما قدم ، وألحقه بجده النبي المكرم )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/99] .
[ إسماعيل بن القاسم الرسي (ع ) ]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي :
(( وإسماعيل بن القاسم في الدين كان نسيج وحده ، أبر الناس بالرحم ، وأبعده من كل قبيح وإثم ، رحمة الله عليه . )) .
[ مجموع الإمام القاسم العياني ، كتاب التنبيه والدلائل 1/99] .
[ الحسين بن القاسم الرسي (ع ) ]
- قال الإمام القاسم العياني ، قال أبي علي بن عبدالله بن محمد بن القاسم الرسي :
(( والحسين بن القاسم خير خلف لسلف ، أو ربع أهل زمانه ، وأبصرهم بالعربية ، وأبعدهم من الأفعال الدنية ، فرحمة الله عليهم أجمعين ونوامي بركته .
فلقد حذوا من فعل أبيهم ما لم يحذ أحد من الأولاد ، إلا ما كان من كان مثلهم من السلف والأجداد ، ومن فضل أبي عبدالله - محمد بن القاسم - وإخوته فما لا تحيط به ، وهو غير غبي عند من عرفهم ، ممن يقتدي بهم وبسلفهم . ثم بنو القاسم بعد ذلك لا ينكر بعضهم فضل بعض والسلام .))
ثم استطرد الإمام المنصور بالله القاسم العياني قائلا :
(( وهذا ما كان من جواب أبي رضي الله عنه لمن سأله ، فالله الله يا إخوتنا في فكاك أنفسكم ، وخلاص مهجكم ، فلن تجدوا لها مخلصا غيركم ، واعلموا أنا بمن الله بسبيل لا يضل من سلكه ، ولا يرشد من تركه . واعلموا أن الله نهاكم عن اتلاع ما سواه من السبل ، فقال عز من قائل : { ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } . فنسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه . )) .
[ تراثه الكتابي والفكري المجيد ]
لقد خلف لنا قاموس العترة محمد بن القاسم صلوات الله عليه ، ثراثا كتابيا عظيما شرح فيه أصول الدين على مذهب أهل البيت الصحيح الخالي من التحريف والتبديل والإدعاء ، بما لا يزاد عليه ، وفي التفسير للقرآن العظيم الكريم . وأغدق عليه السلام من الوصايا لأبناءه وأحفاده في كتاب الهجرة والوصية .
فمن كتبه :
1- الأصول الثمانية ، وقد تسمى الأصول ( التسعة ) .
2- تفسير القرآن الكريم .
3- شرح دعائم الإيمان .
4- الشرح والتبيين في أصول الدين .
5- الهجرة والوصية .
6- أجوبة على أسئلة ، في حكاية موسى في القرآن .
7- مسائل منه إلى والده القاسم بن إبراهيم .
8- محاورة الوافد مع العالم ، وهو الوافد والعالم والده القاسم .
وفي العام 1423 ه طبع كتاب الشرح والتبيين في أصول الدين ، وكتاب الأصول الثمانية، وكتاب شرح دعائم الإيمان ، وكتاب الهجرة والوصية ، وكتاب التفسير ، ضمن مجلد واحد حققه الأستاذ عبدالكريم أحمد جدبان ، وطبعته مكتبة التراث الإسلامي باليمن ، وهو تحت عنوان (( مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي (ع) )
مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم الرسي والد قاموس العترة محمد بن القاسم (ع) . انظر فيها إلى ( [b][color=red]مسائل القاسم عليه السلام ) وهي عبارة عن مسائل سألها محمد القاسم لوالده القاسم الرسي (ع)، أيضا انظر ( الوافد على العالم ) وهو عبارة عن محاورة بين محمد بن القاسم ووالده القاسم بن إبراهيم (ع) .
تحميل :
http://hamidaddin.hypermart.net/ebooks/Alrassi.chm
مجموع كتب ورسائل ابن أخيه الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم (ع) :
تحميل :
http://hamidaddin.hypermart.net/ebooks/Majmou.chm
[ وصية قاموس العترة محمد بن القاسم (ع) إلى أبناءه وأحفاده على مر العصور ]
مما يجدر بنا هنا هو أن نشير إلى وصية محمد بن القاسم إلى أحفاده في هذا الزمان وفي كل زمان ، كما رغب هو أن تصل إليهم وأن تقرع فطرهم السليمة قبل أن تغضي عنها عصبياتهم المقيتة ، وأكد عليهم العمل بها ، فقال عليه السلام في كتاب الهجرة والوصية :
(( ... وبعد ، يا بني وولدي فهذه وصيتي لكم واختياري ، حين كبرت سني ، وجربت الأمور وأدبر عمري ، وأشرفت على الرجوع إلى صانعي وإلهي وخالقي ، وخفت أن يحول الموت الذي لابد منه لكل مخلوق بينكم وبيني ، فتبقوا أغمارا جهالا بما فيه رشدكم ،وألا تجدوا بعدي من يفهمكم بما فيه صلاحكم ، في أموركم ومعايشكم ، لما سترون من اختلاف أخبار الناس عليكم في الأديان ، ومصالح المعاش والآداب وأخبار البلدان ، واختلاف الناس في هذا كله قليله وكثيره ، إنما هو باتباع أهوائهم ، واختلاف عقولهم وآرائهم ، وما قبلوا من غي أو رشاد أو خطأ ، والخطأ الغالب عليهم من آبائهم، إذ حقت الفرقة لكم بالوفاة ، وأن تبقوا بعدي بين قرابة وعامة أكثرهم جفاة ، وكنتم أحداث الأسنان ، لم تخبروا حوادث الدهر والزمان ، ولم تفهموا أمور الناس واختلافهم في الأديان ، ولا كيف التأني في المعايش ومصالح الإنسان ، وما يحسن من الأمور والأخلاق ، ومواضع البلغ والأرفاق .
فرأيت يا بني أن أضع لكم إن شاء الله ما تحتاجون إليه أعظم الحاجة في أصول الدين طرفا ، وأن أرسم لكم الصواب إن شاء الله تعالى ، وبعون الله وهدايته في أمر معايشكم والاختيار ، لكم ولمن لعل الله أن يهبكموه من نسل بعدكم من قبل وصيتي ، من ولد جدكم القاسم بن إبراهيم رحمة الله عليه ، تزول به عنكم شكوك الحيرة ، وتكفون به إن شاء الله في الاختيار ، والاعتباد طول الأمد في التجارب والخبرة ، ولم أضع لكم ما وضعت من وصيتي إياكم في هذا الكتاب إلا بعد طلوعي في العمر على الستين ، وبعد ما أحطت بكثير مما لا يستغنى عن خبرته من أمر الدنيا والدين ، حتى أتيت فيه على أكثر ما يحتاج إليه في البحث والخبرة ، وبعد أن نظرت في كثير من علم العرب ، وكثير من علم العجم ، وبعد أن خبرت بالمحاضرة وتخبرت بالمسألة أخبار كثير من البلدان والأمم ، ... ( ثم ساق عليه السلام معرفته بالأديان والبلدان وذكر ما قد زاره من الأمصار إلى أن قال ) ... فتمسكوا إن شاء الله بفهم ما أخبركم به ، فإن في ذلك كفاية لكم كافية ، وخبرة قد كفيتكم تحصيلها شافية ، فلست آلوكم تحصيلا لصحيح الأخبار، وما لم يدرك مثله أو بعضه إلا بعد اختلاف أخبار الناس ، أو بعد عمر طويل وأعمار.
فتفهموا ما سأبينه لكم ، والتوفيق والمعونة من عند الله ، تستغنوا بتحصيل ما حصلت لكم من الخبر ، عن انتظار التجارب التي لا يحصل لكم منها يقين الفهم إلا بعد طول العمر ، وأنا سأضرب لكم مثلا جامعا في قبول ما كفاكم الله خبرته ، حتى جمعته لكم في آخر عمري معا ، وذلك من المثل في وفيكم ، وفيما ألقيه من محصول حقائق الاختبار في الدين والدنيا إليكم .
مثل رجل كان له ولد صغار جهال أغمار ، يحتاجون إلى خبرة الأمور في الدنيا والدين كثيرة ، واختبارهم لذلك بطلب بينه وبينهم مسافة بعيدة مسيرتها ستون سنة ، وكان أبوهم قد أخبرهم خبرها ، ودخلها وعاين أكثرها ، فأخبرهم عنها وهو والدهم لا شك في نصحه لهم ، وعطفه بالرأفة والرحمة والرقة عليهم ، فرأى أن يفهمهم ما يحتاجون إلى فهمه ، لما خشي ألا يبلغوه ، ولا يحيطوا فيه بمثل اختباره وعلمه ، فشرح خبر تلك البلاد لهم ، وعلم أن ما أحاط هو به مما يحتاجون إليه ولا يستغنون عنه ، لن يدركوه إلا في آخر أعمارهم التي شبهها بمسافة البلد ، والبلد فمثل الأمور التي لا يستغنون عن خبرتها ولا يستغني عنها أحد ، لأني لم أفهم الأمور التي سأشرحها لكم إلا بعد طول التعمير ، والمسافة إلى الإحاطة بالتجارب التي لم أدركها إلا بعد التمييز ، من الفهم والنظر ستين سنة أو نحوها .
فإنكم إن لم تكتفوا بما أخبرت وحدثت وجربت ، وأردتم اختبار ذلك لأنفسكم، لم تفهموا منه بعض ما فهمت إلا بعد أن تعمروا شبيها مما عمرت عند إختلاق جدتكم إن الله عمركم وأخركم ، وحينئذ لا يبقى إلا اليسير من أعماركم ، فمن كان عقله منكم صحيحا ، فسيعلم إن شاء الله أني لم آله إلا رحمة له من الغلط نظرا صحيحا ونصحا ، بل لعلي أن أكون بسبقي لكم أقوى منكم فهما ، وأحسن تفقدا للأمور وتفهما . والله أسأل أن يهبكم ألبابا وعقولا وعلما .
فخذوا يا بني ما قد كفاكم الله اختباره ، واقبلوه وأقروه في العمل به من قلوبكم قراره ، والله أسأل لكم العون والرشاد ، والتوفيق في أمور دينكم ودنياكم للصواب والسداد ، فإنه لا يجتهد لكم قريب ولا بعيد من بعدي في النصح لكم والنظر والشفقة عليكم من الغلط الاجتهادي ، والله أسأل لكم ولي العون والرشد والتوفيق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم الكريم ، وصلى الله على محمد عبده ورسوله ، وعلى آله الأبرار من ذريته وآله . )) اه
[ من كتاب الهجرة والوصية لإمام محمد بن القاسم الرسي ، المجموع ص 341 إلى 346 ] .
[ وفاته عليه السلام ومبلغ عمره ]
توفي إمام الهدى ، وعلم الآل ، محمد بن القاسم الرسي ، سنة 279 ه ، وله من العمر 81 سنة ، هذا ولو تتبعت من من روؤس العترة الطاهرة عاصره قاموس العترة من أبناء الحسن والحسين (ع) لوجدت أنه قد عاصر أكابرهم وأبعد الناس عن التمذهب بمذاهب الرجال دون مذاهب أهل البيت المطهرين ، ولو لم يكفنا في معرفة حسن متابعة قاموس العترة (ع) لسلفه من أهل البيت في أصول الدين والعقيدة إلا أنه وارث علوم والده ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم (ع) بالإتفاق ، والقاسم بن إبراهيم (ع) هو القائل : ( أدركت مشيخة آل محمد من ولد الحسن والحسين وما بينهم اختلاف ) ، فوجدنا أنه قد ولد عام 169 ه أي عقب استشهاد الحسين الفخي بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن (ع) أو في نفس السنة ، ووجدنا أنه توفي عليه السلام في سنة 245 ه ، فكان من نجوم العترة الذين عاصرهم القاسم الرسي :
1- الإمام يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
2- الإمام إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. (ت177ه) .
3 -[color= red] الإمام موسى الجون بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. (ت حول ال 180ه). [/color]
4- الإمام موسى الكاظم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. (ت183ه).
5-[color= red] الإمام الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. (ت190ه). [/color]
6- [color= red] الإمام إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. (ت 190ه) . [/color]
7- الإمام محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم الشبه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. (ت199ه) .
8- [color= red] الإمام محمد بن جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. (ت 200ه) . [/color]
9- الإمام محمد بن محمد بن زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. (ت201ه)
10- [color= red] الإمام علي الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. (ت203ه) . [/color]
11- السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب ( ت208ه) .
12-[color= red] الإمام علي العريضي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. (ت210ه) . [/color]
13- الإمام إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب. (ت213ه) .
14-[color= red] الإمام محمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب. (ت بعد 229ه وهو تاريخ خروجه من الحبس) [/color]
15- الإمام يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (ت القرن الثاني ).
16-[color= red] الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب ( 247ه). [/color]
17- الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت260ه) .
18- [color= red]الإمام عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب. (ت247ه) . [/color]
فأنعم بها من سلسلة أعلام جديرة بالاحترام والإتباع والإقتداء ، وأنعم بهم من سلف صالح يقتدى به في الدين والدنيا ، فسلام الله على أبي عبدالله قاموس العترة وشيخها يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا .
[color= red] وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ورضوانه على الصحابة الراشدين المتقين . [/color]
Sayfa 61