﴾ (١) ويجب أن يكون هذا التدبر بفهم صحيح في إطار صحيح، بعيدا عن الغلو الذي هو الإفراط، وعن التساهل الذي هو التفريط، والحرص على ما بينهما وهو التوسط، منهج الإسلام، قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ (٢) شهداء على الناس، الذين أفرطوا، والذين فرّطوا، ويشهد الرسول ﷺ على وسطية هذه الأمة، فلا تحريف ولا تبديل في الإسلام الدين الحق، ففيه الكمال والعدل والرأفة والرحمة، وفي هذا المعنى وصية رسول الله ﷺ، قال العرباض بن سارية: وعظنا رسول الله ﷺ يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع، فبماذا تعهد الينا يا رسول الله؟، قال: (أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي، فانه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين
_________
(١) الآية (٢٤) من سورة محمد.
(٢) من الآية (١٤٣) من سورة البقرة.
1 / 47