وحسبنا أن نقول: إنها أحدثت في العلم انقلابا بعيد المدى لا نستطيع القول على الإطلاق إن نتائجه الفلسفية قد ظهرت كلها.
الفصل الرابع
تصنيف العلوم
يمكننا أن نتخذ من تقسيم «أوجست كونت» أساسا، وتبعا لهذا التقسيم ، ينبغي التمييز بين العلوم العملية أو علوم الأساليب الفنية، التي يطبقها المهندسون، والعلوم النظرية التي يبحث فيها العلماء، والعلوم النظرية إما عينية (كعلوم الحيوان أو النبات مثلا) أو مجردة (كعلم وظائف الأعضاء).
والعلوم المجردة الرئيسية ستة: الرياضة، والفلك، وعلم الطبيعة، والكيمياء، وعلم الحياة، وعلم الاجتماع. وهذه العلوم مرتبة ترتيبا من حيث البساطة والعموم، وهي علوم لها صفاتها النوعية، إذ لا يمكن إرجاع كل منها إلى العلم السابق عليه، فالمذهب الوضعي يتنافى مع المذهب المادي.
ومنذ عهد أوجست كونت، تطورت العلوم بحيث أصبح تصنيفه غير مطابق لحالة العلم كل المطابقة. فقد ظهرت علوم جديدة (مثل علم الطبيعة الفلكي، وعلم الطبيعة الذري)، واحتلت هذه العلوم مكانة تعلو مكانة علوم كثيرة أخرى، وأثبتت وحدة العلم التي تعبر، كمال قال «ديكارت» عن وحدة العقل الإنساني، وأصبحت المثالية، التي تؤكد هذه الوحدة، في مركز أقوى من حيث قدرتها على مناهضة المادية، من النزعة الروحية عند أوجست كونت.
فائدة القيام بتصنيف للعلوم، ولو كان مؤقتا
كونا فيما سبق فكرة أولى عن العلم، وعلينا الآن أن ندرس مختلف العلوم على التخصيص، ولأجل هذه الغاية ينبغي لنا أن نصنفها.
ومن المؤكد أننا لا نولي تصنيف العلوم أهمية أساسية، وذلك لأسباب سنوضحها في ختام هذا الفصل، ولن يكون التصنيف الذي سنعرضه إلا تصنيفا مؤقتا، ولكن من الضروري أن يوجد تصنيف أيا كان. فميزة التصنيف أنه يضفي دقة على المصطلحات الفنية في العلوم. والحق أنه لو لم تكن له من فائدة إلا هذه، لكان ذلك كافيا. ولقد وصف كوندياك
Condillac
Bilinmeyen sayfa