Gassendi (1592-1655م) وعلى يد علماء الكيمياء في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان ظهوره دائما على صورة ضروب من الحدس الهندسي نستطيع اليوم أن ندرك مبلغ سذاجتها. والواقع أن المفكرين في ذلك الحين لم يكونوا يترددون في أن ينسبوا إلى الذرة كل المدركات الحسية المباشرة، بحيث إن الصورة الخاصة لذرات المادة تفسر إحساسات الذوق والرائحة واللون. وهكذا قيل إن ذرة البرد مدببة، لأن البرد قارس، ويصف الكيميائي نيكولاس ليميري
Nicolas Lémery (1645-1715م) تأثير الأحماض في الأجسام القاعدية بأنه أشبه باختراق الطرف المدبب في الأحماض لمسام القلويات. كذلك تصور الكيميائي هومبرج
Homberg (1652-1715م) حين أراد أن يفسر تحول الزئبق إلى مسحوق زئبقي
cinabre ، أن الدقائق الكروية للزئبق تتشقق بفعل النار، مثل قشرة «القسطل» وتختلط كل هذه القشور المتشققة، حتى «يصبح الزئبق جافا كالحجر».
وهناك أمثلة عديدة للتفسيرات التي تلجأ إلى التشبيهات. ولا شك في أنه ليس لمثل هذه التشبيهات أية قيمة علمية؛ بل إنها لا تصور لنا الظواهر تصويرا جيدا.
المذهب الذري في الكيمياء
كان العالم الإنجليزي دالتن (1766-1844م) هو الذي استخلص النتائج العلمية الدقيقة لفرض ديمقراطيس الخاص بالذرة التي لا تتجزأ. فإذا سلمنا بأن لكل مادة كيميائية بسيطة ذرة خاصة، ومن ثم فلها وزنها الخاص، فلا بد أن تتجمع الذرات المتعددة كيميائيا تبعا لعلاقات محددة. وإذن فمن الممكن الوصول إلى براهين دقيقة عن صحة الفرض القائل بالذرة وذلك بمقارنة مقاييس وزنية.
وهكذا ينقلنا دالتن إلى عصر يصبح فيه الحدس الفلسفي فرضا علميا.
فلنعد إلى الأذهان إذن القوانين التي تبنى عليها الكيمياء الحديثة، وهي القوانين التي لا يكون لأي تعليم للكيمياء معنى بدونها: (1)
قانون النسب المحددة (قانون بروست
Bilinmeyen sayfa