Soc. systématique » عند زمل
Simmel
وفون فيزه
Von Wiese - الذي يحاول تحديد العلاقات البشرية الأساسية المكونة للجماعات - يبدأ هو الآخر بعلم النفس. غير أن الحرص على الإفادة بعلم النفس دون الإبقاء على التضاد بين الجماعي والفردي يتجلى بوجه خاص في مبحثين: (1)
أولهما «علم النفس الاجتماعي»، وهو يدرس سلوك الفرد تجاه الظواهر الاجتماعية. فيبحث مثلا في الطريقة التي ينضم بها الفرد إلى جماعة، والدور الذي يلعبه فيها، والمركز الذي يشغله فيها، وكيف يبعث الحيوية في هذه الجماعة ويوجه نشاطها (وخاصة إذا كان يشغل فيها وظيفة القائد). وكيف يخضع الفرد، في مقابل ذلك، لتأثير الجماعة، ويقبل معاييرها ويتأثر بأحكامها، وأي الآراء والمشاعر تنمو لديه بسبب تأثير الجماعة، وكيف تنطبع شخصيته بأسرها بطابع الجماعة. وعندئذ يجب التنبيه إلى وجود تأثير متبادل من الجماعة في الفرد يمكن التعبير عنه بفكرة السببية، بشرط أن تكون هذه السببية على شيء من المرونة، وتدمج بها مفاهيم مثل مفهوم الدوافع، والتكيف، والتأثير. (2)
وثانيهما ذلك المبحث الذي أطلق عليه في أمريكا اسم «الأنثروبولوجيا الحضارية» وله موضوعه الخاص به، وهو دراسة حضارة مجتمع معين، أعني دراسة الطابع الاجتماعي حسبما يتمثل في الأفراد، وحسبما يحياه هؤلاء الأفراد، ومن هنا كان يتطلب دراسة علم النفس. ذلك لأن الحضارة، التي تفهم بهذا الفهم الواسع، يمكن دراستها بدراسة المنتجات المادية للصناعة البشرية، من أدوات وسلع وأعمال فنية ... إلخ، كما يمكن دراستها بدراسة النظم (السياسية والتشريعية والتربية ... إلخ). غير أن هذه الأعمال وهذه النظم ذاتها ينبغي أن تفحص من جهة علاقتها بالأفراد، فالحضارة تتكون في نهاية الأمر مما يفكر فيه الأفراد وما يشعرون به وما يفعلونه، أعني أنها تتكون من سلوكهم بقدر ما يقوم هذا السلوك على أساس اجتماعي، وبقدر ما هو مكتسب من المجتمع، وخاضع لقواعد معينة فيه، وبقدر ما ينقل إلى أفراد آخرين. فبملاحظة هذا السلوك نلاحظ الحضارة، وبتحليل هذا السلوك نهتدي إلى تفسير، جزئي على الأقل، لهذه الحضارة. والحق أن الأنثروبولوجيا، كما يقول «كاردنر
Kardiner » تقتبس إحدى الأفكار الرئيسية لعلم النفس الاجتماعي مع التوسع فيها بحيث تمتد إلى المجتمع بأسره؛ فهناك نظم تسمى بالأولية
primaires - وخاصة التربية، التي تتباين مناهجها ومضمونها من مجتمع إلى آخر - وتؤدي هذه النظم إلى تكوين تركيبة نفسية معينة في الأفراد، تتكون منها «شخصية أساسية» لهم، أو سمها إن شئت «شخصية قومية»، وفي مقابل ذلك تؤدي هذه الشخصية الأساسية إلى قيام نظم تسمى بالثانوية، وتعكس التأثير الذي تباشره النظم الأولية عليها. وهنا يكون للتحليل النفسي بوجه خاص، أهميته لأنه يعين أولا على توضيح الطريقة التي تتكون بها الشخصية في مرحلة الطفولة عند قيامها بالتجارب الاجتماعية الأولى، فضلا عن أنه يكشف عن العمليات النفسية التي توضح العلاقات بين نظام أولي ونظام ثانوي.
وهكذا يساعد علم النفس على فهم الحضارة، فهو لا يكتفي بوصف الطريقة التي تطبق بها الحضارة تطبيقا عمليا؛ بل يفسر العلاقة التي تربط النظم أو الأساليب العملية فيما بينها، والطابع الشامل للحضارة الذي يؤكد المذهب الوظيفي
Le fonctionnalisme
Bilinmeyen sayfa