وفي مقابل التحليل النفسي بوجه أخص، ذلك كي يبين أن الممارسة العلمية لا بد أن تتجاوز هذا التقابل، وأن هذا هو ما تقوم به فعلا (وبذلك يبرر تجاوز التقابل بين التفسير والفهم).
ولقد أدخل علم النفس التجريبي مناهج الملاحظة المدعمة بالآلات العلمية التي تمارسها العلوم الطبيعية بطريقة منظمة في دراسة الإنسان. وبهذا أصبحت أهمية المعمل بالنسبة إلى عالم النفس لا تقل عن أهميته بالنسبة إلى عالم الكيمياء. وقد تكون «الحالة» التي تدرس هنا حيوانا أو إنسانا على حد سواء، وقد تكون مجتمعا أو إنسانا منفردا. ولنذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، بعض الدراسات التي يقوم بها علم النفس التجريبي؛ فمنها دراسة التعلم
learning
أو تكوين العادات، التي تجرى أساسا على حيوانات تحبس في متاهة، وتتعلم كيف تسير في طرقها الملتوية للوصول إلى غذائها. أما بالنسبة إلى الإنسان فمنها دراسة التعود على نشاط معين ودراسة مراحل العمل، ودراسة التعب، وعلى الأخص ما يسمى بالتعب الناتج عن العمل في المصانع، وبالنسبة إلى الجماعات، دراسة العلاقات بالقائد
leader
تبعا لمدى سيطرته عليهم، وتأثير «جو الجماعة» في الفرد.
ومن بين التطبيقات التي يسمح بها استخدام القياس (
mesure ) الذي تكفل الأجهزة العلمية دقته، ينبغي أن نشير على الأقل إلى القياس السيكولوجي
. بفضل مختلف أنواع الاختبارات يسمح لنا هذا القياس بتقدير بعض قدرات الفرد تقديرا عدديا، كالذكاء المدرسي والذاكرة، ودقة الإدراك الحسي، وسرعة القيام بحركات معينة أو دقة هذه الحركات ... إلخ. وتلعب هذه المقاييس دورا تتزايد أهميته في التوجيه الدراسي والاختيار المهني. وحسبنا هنا أن نورد مثالا واحدا، فالحوادث التي ترتكبها السيارات العامة قد قلت إلى النصف بعد أن استخدمت اختبارات خاصة في اختيار السائقين.
وأخيرا ينبغي أن نذكر، إلى جانب المنهج التجريبي، المنهج المقارن الذي يقوم بمقارنات، إما بين نماذج مختلفة من الأفراد - وهذا هو ما يسمى بالبحث النفسي في الفروق الفردية أو بعلم الشخصية - وإما بين أفراد ينتمون إلى مجتمعات أو حضارات متباينة، وهنا يرتكز علم النفس على علم الاجتماع وخاصة علم الأجناس (
Bilinmeyen sayfa