فهؤلاء الأنبياء والرسل ﵈ يضعون كل شيء موضعه كما وصف الله تعالى، فيقدرون عليه بما قواهم الله تعالى من النبوة.
كذلك روى لنا سليمان ﵇: أنه حزن على ابنه حزنا شديدا حتى عزى بأن يمثل ملك فجاءه متخاصما مع آخر، فقال: إن هذا مشى في زرعى واتخذ طريقا. فقال له سليمان ﵇: ما حملك على ذلك؟ فقال: لأنه زرع في طريق الناس وممرهم. ففطن سليمان ﵇ بأنه أريد بذلك فتعزى.
وكذلك روى عن موسى ﵇؛ حيث بكى على هارون ﵉، فقال الله تعالى: يا موسى ما هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ما كان ينبغى لك أن تحن على فقد شيء معى، ولا أن تستأنس بغيرى، ولا أن يكون بكاؤك على هارون إلا لى.
وفي هذا كلام كثير تركناه لئلا يطول..
فالأقوياء هذا فعلهم، يعظمون أمر الله، فإذا أبكاهم بكوا، وإذا أحزنهم حزنوا، وإذا خوفهم خافوا، وإذا أضحكهم ضحكوا، وإذا بشرهم فرحوا، وإذا بسطهم انبسطوا.
والضعفاء من خوف خيانة النفوس، إذا أبكاهم دافعوا البكاء، وإذا أحزنهم فزعوا وردوا ذلك إلى أمور السرور، وإذا خوفهم تحيروا، وإذا أضحكهم اتهموا وحسبوها استدراجا ومكرا، وإذا بشرهم نسبوا ذلك إلى الوسوسة، وإذا بسطهم انقبضوا وحسبوه خذلانا. فهذا كله لانسداد الطريق فيما بينهم وبين الله، والحجب التى تحجب النفس مدلاة على عينى
1 / 80