في الحجج التي اعتمد أفلاطون فيه عليها
وقد نقل بعضهم عن أفلاطون ، أنه اعتمد في بقاء النفس الإنسانية على ثلاث حجج :
أحدها : أن النفس تعطى كل ما توجد فيه حياة.
والثانية : أن كل فاسد فإنما يفسد من قبل رداءة فيه.
والثالثة : أن النفس متحركة من ذاتها.
وشارحوا كلامه ، قد تبينوا الحجة الاولى ، بأن النفس تعطى الحياة أبدا كل ما توجد فيه ، وكل ما كان كذلك فالحياة جوهرية له أي ذاتية له ، فلا يمكن أن يقبل ضد الحياة أي الموت ، فالنفس لا تقبل الموت.
والحجة الثانية بأن الرداءة مقترنة بالفساد والفساد مقترن بالعدم ، والعدم مقترن بالهيولى ، فالرداءة مقترنة بالهيولى ، وحيث لا هيولى فلا عدم فلا فساد ، وحيث لا فساد فلا رداءة ، فالهيولى معدن الرداءة وينبوع الشر وأصله الذي منه يتفرع ، ومقابل هذه الرداءة الجودة ، فإنها مقترنة بالبقاء ، والبقاء مقترن بالوجود والوجود هو أول صورة أبدعها البارئ عز وجل . وحيث كانت النفس غير هيولانية فلا فساد يطرأ عليها.
والحجة الثالثة : بأن النفس متحركة من ذاتها دائما حركة جولان وروية هي حياتها ، تارة نحو العقل فتستنير به وتستفيد منه ، وتارة نحو الهيولى فتنيرها وتفيدها حركة خارجة عن الحركات الست الجسمانية ، غير داخلة تحت الزمان ، بل فوق الزمان وفوق الحركات الطبيعية وفوق الطبيعية. وكل ما كانت حركته من ذاته حركة كذلك فهو باق ، لأن حركته مع كونه خارجة عن الزمان والتكون وأشبه بالدهر والسرمد غير زائلة وما كان غير زائل ، فهو ثابت.
هذا ما ذكروه في شرح تلك الحجج الثلاث ، وسنذكر زيادة شرح لها إن شاء الله تعالى.
Sayfa 134