له أو كانت لا تعقله البتة» (1) إلى آخر ما ذكره من الدليل عليه ، فبين أيضا أنها عاقلة لذاتها وكذا هي غير منطبعة في الجسم.
ثم قال تكملة لهذه الإشارات : «فاعلم من هذا أن الجوهر العاقل منا له أن يعقل بذاته.» «فأشار بما ذكره إلى كونها عاقلة» بذاتها ، وإلى أصالتها في الوجود والقيام والتعقل ، وإلى بساطتها الحقيقة الذاتية اللازمة لأصالتها أيضا ، فأشار بذلك إلى نفي كونها مركبة من هيولى وصورة ، بل إلى نفي كونها مركبة من جزءين حال ومحل مطلقا وإن كانا مفارقين ، بل إلى نفي كونها مركبة من جزءين مطلقا وإن لم يكونا حالا ومحلا ، وكذلك أشار إلى نفي كونها صورتا أو عرضا ، بل نفي كونها قائمة بالمحل مطلقا وإن كان المحل جوهرا مفارقا غير ذي وضع ، وكذا أشار إلى نفي كونها مادة أو كالمادة من شيء لكون جميع ذلك غير أصل في الوجود والقيام والتعقل بخلاف النفس. وأيضا ما سوى المادة من هذه إما مركب أو قائم بالمركب بخلاف النفس.
ثم قال : في بيان الدليل على عدم إمكان فساد النفس بسبب من الأسباب ، ولأنه أصل وذكره على سبيل الاستبانة مما تقدم ، وعلى أن هذه القضية مقدمة ظاهرة لا ينبغي لعاقل إنكارها يعني أنها أصل في الوجود والقيام والتعقل ، وإنما اكتفى في الدليل بأصالتها في ذلك ولم يتعرض لبساطتها ، لأن أصالتها كذلك تستلزم بساطتها الذاتية الحقيقية المطلقة التي هي العمدة في عدم إمكان قبول الفساد من غير عكس ، كما أشرنا إليه ، مع أنه لا يرد على تقدير أصالتها كونها مادة في المركب كما عرفته أيضا.
ثم فرع على أصالتها المستلزمة لبساطتها في ذاتها أنها لا تقبل الفساد. وقال : فلن يكون مركبا من قوة قابلة للفساد مقارنة لقوة الثبات (2) كما بينا وجه ذلك مطابقا لما في الشفاء ، ثم قال : فإن اخذت لا على أنها أصل بل كالمركب من شيء كالهيولى وشيء كالصورة عمدنا بالكلام نحو الأصل من جزئيه. وأشار بقوله : «فإن اخذت لا على أنها أصل» أي اخذت لا على أنها أصل بهذا المعنى المتقدم ولا على أنها بسيطة بالمعنى المذكور ، إلى أن أخذها كذلك ، لا يقدح في أصالتها الذاتية ولا في بساطتها المطلقة ، بل إنما هو بمحض اعتبار اجتماعها مع غيرها في ذلك التركيب كما عرفت ، وأشار بقوله : «بل
Sayfa 191