الثانية: إذا كان مع الإمام من ذكره عليه السلام وجب القتال، والوجه في ذلك ما ذكره عليه السلام من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عدة أصحابه ببدر ثلثمائة وبضعة عشر.
إلى أن قال: وأقول: إن كلام الإمام عليه السلام لا يدل على التحديد، بل إذا كان البغاة الجم الغفير وكان لا تقوم الثلاثمائة والبضعة عشر في وجوههم فإن حكمهم حكم العدد القليل الذي منعه عليه السلام يدل على ذلك بأقل نظر من الناظر.
وقد اختلف العلماء قديما وحديثا في مقدار عدد عسكر الإمام الذي يجب عليهم وعليه قتال البغاة ولم يعذروا بتركه.
فقال الإمام زيد بن علي، وعبد الله بن موسى، ومحمد بن علي بن أبي طالب، وذكره محمد بن منصور في (الجامع الكافي) عن أبي حنيفة وهو قول جماعة من علماء السلف فمن بعدهم: أنه إذا كان عسكر الإمام ثلاثمائة وبضعة عشر فما فوق وجب عليهم جميعا قتال البغاة، وتغيير بغيهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ولم يعذروا بترك ذلك، وظاهر كلامهم التوقيت بذلك أنه لا يتأتى الوجوب فيما دون ذلك، ولو ظنوا الغلبة أوكان عدد البغاة أقل منهم أو أكثر.
وقال السيد الشريف علي بن الحسين في رسالته المذكورة بعد ذكر كلام زيد بن علي هذا: على قدر الاستقلال بالمعونة دون التوقيت، وعلى هذا فكلام زيد بن علي ومن معه موافق لكلام الجمهور الآتي، فيجب على من دون العدد المذكور مع ظن الغلبة، لكن الظاهر من نصوصهم أنهم أرادوا بذلك التوقيت.
Sayfa 52