وقد أكثر العلماء الكلام في الجمع بين أدلة الباب، وأخصر ما قيل في ذلك كلام المحقق المقبلي في (أبحاثه المسددة) بلفظ: ((ومن أوجب طاعته قيدها بأمرين:
أحدهما: أن يكون في طاعته صلاح لعامة المسلمين لسلامتهم من الفتنة.
والثاني: أن يكون أمره بطاعة الله لا بمعصيته، إذ لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق فيكون ذلك عذرا للمأمور لا للأمير، فهو على وزره إذ هو غاصب للأمر)) انتهى.
وحمل غيره قول من أجاز السمع والطاعة لأمراء الجور على أن مراده أنه يستعان بهم في تنفيذ الأحكام كما يستعان بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحينئذ يرتفع الخلاف.
وذكرنا فيما تقدم عن الحافظ ابن حجر في أدلة الإنكار على أمراء الجور، أن محل ذلك إذا كان قادرا، ونقل ابن التين عن الداودي، قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر انتهى.
قال الإمام المهدي: ((وأما من لم يعتقد صحة ولايتهم ولا ينتهي بل إنما تؤخذ الولاية منهم تقية لهم وفي نفسه أن تصرفه من باب الصلاحية أو بولاية نصب الخمسة فإنه يقبح لأن فيه إيهام التعظيم لهم وصحة الولاية منهم فلا يجوز ارتكابه مهما وجد مخلصا ولو بالهجرة)) انتهى.
فإن قيل: إذا تحقق لك صحة ما ذكره العلماء من الجمع بين أدلة الباب فكيف تصنع بالأدلة الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
Sayfa 121