ويغني عن هذا كله أن هذه الإمامة قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإرشاد إليها والإشارة إلى منصبها في قوله: ((الأئمة من قريش )) وثبت كتابا وسنته الأمر بطاعة الأئمة ثم أرشد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الاستنان بسنة الخلفاء الراشدين، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((..وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين )) وهو حديث صحيح.
وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الخلافة بعدي ثلاثون سنة )) ، ثم إن الصحابة لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدموا أمر الإمامة ومبايعة الإمام قبل كل شيء، حتى أنهم اشتغلوا بذلك عن تجهيزه صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لما مات أبو بكر عهد إلى عمر، ثم عهد عمر إلى النفر المعروفين، ثم لما قتل عثمان بايعوا عليا، وبعده الحسن، ثم استمر المسلمون على هذه الطريقة حيث كان السلطان واحدا وأمر الأمة مجتمع،، ثم لما اتسعت أقطار الإسلام ووقع الخلاف بين أهله واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه، وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ أن قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذه الغاية لما هو مرتبط بالسلطان من مصالح الدين والدنيا ولو لم يكن منها إلا جمعهم على جهاد عدوهم وتأمين سبلهم، وإنصاف مظلومهم من ظالمهم، وأمرهم بما أمر الله ونهيهم بما نهاهم الله عنه، ونشر السنن، وإماتة البدع، وإقامة حدود الله.
Sayfa 69