[قصد البغاة إلى ديارهم]
هذا وأما قصد البغاة إلى ديارهم فقد تقدم للمؤلف رحمه الله في حديث ((لا يفسد الحج والجهاد جور جائر...)) ما لفظه:
وأما البغاة فقد اختلف العلماء في جواز قصدهم إلى ديارهم، فقال القاسم ، والسادة الهارونيون ، والمنصور بالله : أخيرا أن ذلك يختص جوازه بالامام فقط.
وقال محمد بن عبد الله النفس الزكية، والجرجاني والحاكم أبو سعيد : يجوز للامام وغيره، وقال الشافعي: لا يجوز مطلقا ما لم يقصدونا، لقول علي للخوارج: لا نبدؤكم بقتال ما لم تبدأونا، ولا خلاف في جواز قتالهم إذا قصدونا.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا يجوز للإمام غزو البغاة مع عدم الضرر منهم، قاله الشافعي، وإن جاز في الكفار، وإنما الذي يجوز في البغاة دفع صولتهم عليه أو على غيره من المسلمين ولو فردا لقول أمير المؤمنين علي في الخوارج: ((لا نبدؤكم..)) السالف ذكره، وذكره المحقق الجلال في ((ضوء النهار)) وأبى ذلك الجمهور.
قال: قلنا: قالوا: {حتى تفيء إلى أمر الله } [الحجرات:9] قالوا: الفيئة: تركها للبغي، وهو لغة طلب الباطل.
قلنا: بل ومنع حق الإمام من الطاعة وغيرها بغي.
قالوا: لم يتعرض أمير المؤمنين لمن اعتزله ولا للخوارج مع عصيانهم إياه، وعدم الوفاء ببيعته، فلو كان ذلك بغيا لما قال لأصحابه: ((لا تبدأوهم بحرب حتى يبدأوكم)) وقوله بيان للبغي، لأنه إمام أئمة اللغة في الشرع انتهى.
Sayfa 60