[222] وقد يعرض الغلط في المعظم أيضا من أجل خروج الزمان عن عرض الاعتدال. وذلك أن الإنسان إذا أخذ عودا في طرفه نار، وحركه يمينا وشمالا حركة في غاية السرعة في ظلمة الليل، فإن البصر إذا نظر إلى النار التي بهذه الصفة فإنه يجدها ممتدة في المسافة التي تتحرك فيها تلك النار، التي هي أضعاف لمقدار جرم النار. وذلك لأن البصر ليس يدرك مقدار المبصر ولا يدرك موضع المبصر ولا يدرك حركة المبصر إلا في زمان له قدر، فإذا تحركت النار حركة في غاية السرعة فإن الزمان الذي تقطع فيه النار تلك المسافة هو زمان في غاية الصغر بالقياس إلى الحس، فليس يدرك الحس الجزء من الزمان الذي تقطع فيه النار الجزء من تلك المسافة. وإذا لم يدرك الحاس أجزاء ذلك الزمان جزءا بعد جزء، التي تقطع بها النار أجزاء تلك المسافة جزءا بعد جزء، فهو يحس بجملة ذلك الزمان بمنزلة جزء لا ينقسم من الزمان أو بمنزلة الأن. فالبصر يدرك النار في جميع تلك المسافة في زمان هو عند الحس بمنزلة الأن الواحد.
[223] واذا ادرك البصر النار في جميع المسافة في آن واحد فهو يدركها ممتدة في تلك المسافة. ثم إذا تواصلت حركة المحرك لتلك النار دائما يمينا وشمالا زمانا محسوسا فإن البصر يدرك تلك النار ممتدة في تلك المسافة زمانا محسوسا له قدر، وهو الزمان الذي يواصل فيه المحرك تحريك تلك النار. وإذا أدرك البصر النار ممتدة في مسافة من المسافات زمانا محسوسا لم يشك في أن حجم تلك النار هو مقدار طول تلك المسافة. فإذا أدرك البصر النار التي بهذه الصفة من بعد في ظلام الليل فإنه لا يشك في أن مقدار جرم النار هو مقدار طول المسافة، ويكون جرم النار جزءا يسيرا من تلك المسافة، فيكون غالطا في مقدار عظم تلك النار، ويكون مع ذلك لا يحس بغلطه.
[224] وإذا أدرك البصر النار التي بهذه الصفة من قرب أيضا وهو يدرك محزكها ويعلم أنه يحركها، وأن مقدار تلك النار هو مقدار يسير، فهو يدركها يضا ممتدة في تلك المسافة ويدرك مقدار طول المسافة، ولكنه يعلم مع ذلك أنه غالط فيما يدركه من مقدار النار على هذه الصفة.
Sayfa 507