[96] وقد يعرض الغلط في الحسن أيضا من أجل خروج وضع المبصر عن وضع الاعتدال. وذلك أن المبصرات التي ظواهر معانيها حسنة، إذا كانت فيها معان دقيقة تشينها وتكسف حسنها وتقبحها، كالنمش والآثار والكلف في أشخاص الناس وكالزئبر والخشونة في الثياب الصقيلة وما يجري مجرى ذلك في سائر المبصرات، إذا كان المبصر الذي بهذه الصفة خارجا عن سهم الشعاع وبعيدا عنه، وكان البصر ناظرا إلى مبصر اأخر وسهم الشعاع على ذلك المبصر الأخر، وكان البصر مع ذلك يدرك ذلك المبصر الحسن الصورة المقبح بما فيه من المعاني الدقيقة، فإنه يدركه حسنا لا شين فيه. لأن البصر إذا أدرك المبصر على الوضع الذي وصفناه فليس يدركه إدراكا محققا،وإذا لم يدرك البصر المبصر الذي بهذه الصفة إدراكا محققا فليس يدرك المعاني اللطيفة التي تشينه وتقبحه، وإذا لم يدرك المعاني التي تقبحه وكانت المعاني الظاهرة التي فيه مستحسنة فإن البصر يدركه مستحسنا ولا يشك في حسنه ولا يحس بشيء من قبحه.
[97] وإذا أدرك البصر المبصر القبيح الصورة حسنا فهو غالط في حسنه، ويكون غلطه غلطا في القياس لأن الحسن يدرك بالقياس ولأن هذا الغلط هو لاقتناع البصر بالمقدمات الظاهرة وسكونه إلى نتائجها. وعلة هذا الغلط هو خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصر الذي بهذه الصفة إذا كان مقابلا لوسط البصر وكان سهم الشعاع متحركا على سطحه فإنه يدركه إدراكا محققا ويدرك جميع المعاني التي تشينه ويدرك صورته مقبحة على ما هي عليه، إذا كانت المعاني التي فيه في عرض الاعتدال.
.يز.
[98] وقد يعرض الغلط في القبح أيضا من أجل خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك أن الأحجار والجدران المنقوشة بالحفر والأخشاب والأبواب أيضا المنقوشة بالحفر، إذا كانت نقوشها مستحسنة وكانت ألوانها وأشكالها غير مستحسنة، فإن البصر إذا أدرك المبصر من هذه وكان سطح ذلك المبصر مائلا على خطوط الشعاع ميلا متفاوتا فإنه لا يدرك نقوشها ويدرك ألوانها وأشكاها. فإن أدرك شيئا من تخاطيط نقوشها فليس يدركه على ما هو عليه ولا يتحقق معانيه، إذا كانت النقوش بالحفر وكان سطح المبصر شديد الميل. وإذا لم يدرك البصر النقوش المستحسنة التي في المبصرات التي بهذه الصفة التي بها تستحسن تلك المبصرات، أولم يدرك النقوش المستحسنة إدراكا محققا يفهم معه معانيها، فليس يدرك محاسن تلك المبصرات ولا يحس بحسنها. والبصرمع ذلك يدرك ألوانها وأشكالها المستقبحة. وإذا لم يدرك البصر محاسن المبصر وأدرك مقابحه فهو يدركه في الحال قبيحا.
Sayfa 460