[39] وقد يعرض الغلط في الخشونة أيضا من أجل خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك يكون كثيرا في التزاويق. فإن المزوقين يشبهون ما يزوقونه من الصور والتزاويق بأمثالها من الأجسام المشاهدة، وقد يتأتون لتشبيه الحيوانات والأشخاص المعينة والنبات والآلات وسائر المبصرات المجسسمة وسائر المعاني التي فيها بالصور المسطحة وفطنوا لمواضع التشبيه فهم يتلطفون في ذلك بالأصباع والنقوش، فإذا صوروا صور الحيوانات ذوات الشعر والجشر والنبات ذوات الزغب والأوراق الخشنة السطوح والجمادات الخشنة الظاهرة الخشونة فهم يشبهونها بالنقوش والتخاطيط واختلاف الأصباغ بما يظهر من خشونة سطوح تلك الحيوانات وذلك النبات وتلك الجمادات، وتكون الصور التي يعملونها مع ذلك مسطحة ملسا وصقيلة أيضا. وكذلك يصورون أشخاص الناس ويشبهون تخاطيط وجوههم وأجسامهم وما فيها من الشعر والمسام والغضون وتكاسر ملابسهم نما يظهر للحس من صور أشخاص الناس وخشونة ما يظهر من أبشارهم بالشعر والمسام وتكاسير لباسهم. والبصر يدرك الصور المصورة شبيهة بصورها التي هي شبيهة بها إذا كان مزوقها حذاقا بصناعة التزاويق. فإذا أدرك البصر صورة مصورة على حائط أو على خشب أو على قرطاس، وكانت تلك الصورة من صور الحيوانات ذوات الشعر والجشر، فإن البصر يدرك الشعر منها كأنه شعر والجشر منها كأنه جشر. وكذلك إذا أدرك البصر صور النبات الخشنة الأوراق فإنه يدركها كأنها خشنة، وكذلك يدرك صور الجمادات الظاهرة الخشونة، وكذلك يدرك صور أشخاص الناس المصورة كأنها صور مجسمة، وكأن ما فيها من صور الشعر المتفرق شعر وما فيها من الغضون كأنه غضون وما في تكاسير اللباس التي على الصور المصورة كأنها تكاسبر الثياب التي يلبسها الناس مع ملاسة سطوح تلك الصور وصقالها.
[40] وإذا أدرك البصر الصورة الملساء خشنة فهو غالط في خشونتها، وهذا الغلط هو غلط في القياس لأن الخشونة إنما تدرك بالقياس. وهذا الغلط قد يكون لعلة من العلل التي من أجلها يعرض للبصر الغلط. فمنها ما تكون علته هو بعد الصورة عن البصر، وذلك أن الصورة المصورة التي بهذه الصفة ليس يتحقق البصر ملاستها إلا بالتأمل، وليس يتمكن البصر من تأملها إلا إذا كانت قريبة من البصر شديدة القرب منه، لأنه ليس يظهر تطامن سطح المبصر وملاسته بالتأمل إلا من تأمل أجزائه التي في غاية الصغر، والأجزاء التي في غاية الصغر ليس يدركها البصر إلا من القرب الشديد. وإذا كانت الصورة على بعد ليس يدرك منه البصر وضع الأجزاء التي في غاية الصغر التي يظنها من ذلك البعد أنها شاخصة ومختلفة الوضع، ولا يدرك استواء وضع جميع أجزاء السطح، فليس يدرك ملاسة سطح تلك الصورة.
Sayfa 435