[92] فنقول إن هذا المعنى بعينه هو الذي يدل على أن البصر ليس ينصبغ بالألوان والأضواء ولا تبقى آثار الأضواء والألوان فيه. وذلك أن هذه الآثار التي ذكرناها إنما تكون بالإفراط ومن الأضواء المفرطة والألوان التي تشرق عليها أضواء في غاية القوة. وهو ظاهر أن هذه الآثار ليس تبقى في البصر بعد انصرافه عن مقابلة مؤثراتها إلا زمانا يسيرا ثم تزول. وهو ظاهر أيضا أن الأضواء المعتدلة والضعيفة وآثار الألوان التي أضواؤها معتدلة وضعيفة ليس تبقى في البصر بعد انصرافه عن مقابلتها ولا يسيرا من الزمان. فالعضو الحاس إذن الذي هو الجليدية يتأثر بالأضواء والألوان بقدر ما يحس من الأثر بالمؤثر. ثم يزول منه ذلك الأثر بعد انصرافه عن مقابلة المؤثر. فتأثره بالألوان والاضواء هو انصباغ ما ولكنه انصباغ غير ثابت.
[93] وأيضا فإن البصر متهييء للتأثر بالأضواء والألوان والإحساس بها، فهو يتأثر بها، ومع ذلك ليس تبقى فيه الآثار. والهواء والأجسام المشفة الخارجة عن البصر والطبقات المشفة المتقدمة للجليدية من طبقات البصر ليست متهيئة للتأثر بالأضواء والألوان والإحساس بها، وإنما هي متهيئة لتأدية الأضواء والألوان فقط. فالهواء والأجسام المشفة تؤدي صور الأضواء والألوان ولا تنصبغ بها ولا تتأثر، بل تكون أبدا حافظة لصورتها، ومع ذلك تؤدي الصور التي تشرق عليها، وكذلك جميع الأجسام المشفة وجميع طبقات البصر المشفة المتقدمة للجليدية.
Sayfa 173