وكان نعيم بن مسعود الأسود الأسلمي قد حالف رسول الله صلى الله عليه وآله وجاء في جملة الأحزاب، فتسلل متسللا فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يعلم قومي بإسلامي فجئت معهم، فما ترى أن أفعل؟
قال: «إنما أنت رجل واحد فاخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة».
فمضى ابن مسعود الأسلمي إلى بني قريظة وكانت بينه وبينهم وصلة ، وكانوا في حصونهم فأراهم أنه أتاهم زائرا، فأكرموه وأنزلوه فلما خلا بهم قال: يا بني قريظة أتشكون في نصيحتي لكم؟ قالوا: لا والله.
قال: ما جئتكم إلا ناصحا، إنكم وقعتم في أمر عظيم، نقضتم حلف محمد ولم تتوثقوا لأنفسكم من هؤلاء القوم، فإن انصرفوا وتركوكم أليس يقتلكم محمد وأصحابه؟
قالوا: صدقت والله، فما الحيلة؟
قال: الحيلة أن تسألوا القوم في رجال من وجوههم- وسمى لهم رجالا من قبائل قريش وغطفان وغيرهم ممن حضر- يكونون عندكم في حصونكم، فلا تكاد عشائرهم أن تسلمهم.
فجزوه خيرا، فاستكتمهم الخبر ومضى إلى أبي سفيان فقال: إن عندي لخبرا عظيما.
قال: وما هو؟
قال: سرت إلى بني قريظة وبيني وبينهم وصلة قديمة، فأسر إلي بعضهم أنهم ندموا على نقض حلف محمد، وسألوه عقده فأبي عليهم إلا أن يلقوا في يديه رجالا منكم وسماهم.
قال: وكيف لهم بذلك؟
قال: يسألونكم أن تعطوهم إياهم رهائن لئلا تدعوهم.
فسكت أبو سفيان ثم أراد أن يختبر ذلك، فأرسل إلى بني قريظة أن أخرجوا فإنا
Sayfa 166