وردهم ردا جميلا، فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه وأسلم بعض الناس فانهمشوا (1) إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا: ان لك سنا وشرفا ومنزلة وانا قد اشتهيناك ان تنهى ابن أخيك فلم ينته، وانا والله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين، فقال أبو طالب للنبي صلى الله عليه وآله: ما بال أقوامك يشكونك؟
فقال صلى الله عليه وآله: اني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، فقالوا: كلمة واحدة؟ قال: نعم وأبيك - عشرا - قال أبو طالب:
وأي كلمة هي يا بن أخي؟ قال: لا إله إلا الله، فقاموا ينفضون ثيابهم ويقولون: أجعل الآلهة إلها واحدا ان هذا لشئ عجاب.
قال ابن إسحاق: ان أبا طالب قال له في السر: لا تحملني مالا أطيق، فظن رسول الله انه قد بدا لعمه وانه خاذله وانه قد ضعف عن نصرته، فقال: يا عماه لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتى أنفذه أو اقتل دونه، ثم استعبر فبكى ثم قام يولي فقال أبو طالب: امض لأمرك فوالله ما أخذلك ابدا. وفي رواية أنه قال صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى امرني ان ادعو إلى دينه الحنيفية، وخرج من عنده مغضبا، فدعاه أبو طالب وطيب قلبه ووعده بالنصر ثم أنشأ يقول والله لن يصلوا إليك. بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وانشر بذاك وقر منك عيونا ودعوتني وزعمت انك ناصح * فلقد صدقت وكنت قبل أمينا وعرضت دينا قد عرفت بأنه * من خير أديان البرية دينا لولا المخافة أن يكون معرة (2) * لوجدتني سمحا بذاك مبينا الطبري والواحدي باسنادهما عن السدي، وروى ابن بابويه في كتاب النبوة عن زين العابدين (ع) انه اجتمعت قريش إلى أبي طالب ورسول الله صلى الله عليه وآله عنده فقالوا نسألك من ابن أخيك النصف، قال: وما النصف منه؟ قالوا: يكف عنا ونكف عنه فلا يكلمنا ولا نكلمه ولا يقاتلنا ولا نقاتله إلا أن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب وزرعت الشحناء وأنبتت البغضاء، فقال: يا بن أخي أسمعت؟ قال: يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي وقبلوا نصيحتي ان الله تعالى أمرني ان ادعوا إلى دينه الحنيفية
Sayfa 53