محمد بن إسحاق: كتب كسرى إلى النعمان بن المنذر ليوجه إليه عالما فوجه إليه بعبد المسيح بن تغلبة الغساني فلما قص عليه رؤياه قال: علم ذلك عند خال لي بمشارق الشام يقال له سطيح فوجهه إليه فلما أتاه وجده وقد أشرف على الموت فأنشأ أبياتا في قدومه ففتح سطيح عينيه ثم قال: عبد المسيح على جمل مشيح (1) جاء إلى سطيح وقد وافى الضريح، بعثك ملك بنى ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبدان، يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة (2)، وفاض وادي السماوة (3)، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت.
ثم قضى سطيح مكانه (4) فقدم عبد المسيح على كسرى وأخبره بما قال فقال: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا قد كانت أمور، قال: فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى أيام عثمان، وكان سطيح ولد في سيل العرم فعاش إلى ملك ذي نواس أكثر من ثلاثين قرنا.
الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: بعث الله إلى كسرى ملكا وقت الهاجرة وقال: يا كسرى تسلم أو اكسر هذه العصا، فقال: بهل بهل، فانصرف عنه فدعا حراسه وقال: من أدخل هذا الرجل علي؟ فقالوا: ما رأيناه، ثم أتاه في العام المقبل ووقته فكان كما كان أولا ثم أتاه في العام الثالث فقال: تسلم أو أكسر هذه العصا؟ فقال: بهل بهل، فكسر العصائم؟ خرج فلم يلبث أن وثب عليه ابنه فقتله. قال الأجل المرتضى:
اطرحوا النهج ولم يحفلوا * بما لكم في محكم الذكر واستلبوا إرثكم منكم * من غير حق بيد العسر كسرتم الدين ولم تعلموا * وكسرة الدين بلا جبر فيالها مظلمة أو لجت * على رسول الله في القبر وكان يرى النور في آباء النبي صلى الله عليه وآله خلفا عن سلف. لما قصد أبرهة بن الصباح
Sayfa 25