Manahil al-Irfan fi Ulum al-Quran
مناهل العرفان في علوم القرآن
Yayıncı
مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه
Baskı Numarası
الطبعة الثالثة
Türler
سواء أكانت تلك الحادثة خصومة دبت كالخلاف الذي شجر بين جماعة من الأوس وجماعة من الخزرج بدسيسة من أعداء الله اليهود حتى تنادوا: السلاح السلاح ونزل بسببه تلك الآيات الحكيمة في سورة آل عمران من أول قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ إلى آيات أخرى بعدها هي من أروع ما ينفر من الانقسام والشقاق ويرغب في المحبة والوحدة والاتفاق. أم كانت تلك الحادثة خطأ فاحشا ارتكب كذلك السكران الذي أم الناس في صلاته وهو في نشوته ثم قرأ السورة بعد الفاتحة فقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ "أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ" وحذف لفظ "لا" من ﴿لا أَعْبُدُ﴾ فنزلت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ في سورة النساء.
أم كانت تلك الحادثة تمنيا من التمنيات ورغبة من الرغبات كموافقات عمر ﵁ التي أفردها بعضهم بالتأليف. ومن أمثلتها ما أخرجه البخاري وغيره عن أنس ﵁ قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ وقلت يا رسول الله: إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب١.
واجتمع على رسول الله ﷺ نساؤه في الغيرة فقلت لهن: "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرًا منكن" فنزلت كذلك اهـ. وهذه في سورة التحريم.
١ وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ من سورة الأحزاب.
1 / 107