زفاف سعيد
أما ما كان من أمر سعيد، فإنه بعد انصراف غريب وسالم من عنده، اختلى بابنته وأطلعها على ما تم، وجعل يرغبها في خطيبها، فلم تحر جوابا: لا سلبا ولا إيجابا، ولم يلح عليها بالجواب بل تركها. وفي الصباح عاد فسألها عن رأيها في ذلك فترددت برهة، ثم قالت إنها لو لم تكن قد أحبت غريبا، ما عرضت نفسها للموت من أجله، ثم أردفت: «ومن يعرف ذلك الرجل وما أصله وفصله؟»
فقال الأمير سعيد: «ولكن يا ابنتي ما العمل في أمر إبراهيم باشا، هل يمكننا مراجعته؟» فبكت الفتاة رغم إرادتها فوقع والدها في حيرة، ولم يدر هل يجبر ابنته الوحيدة على الاقتران بمن لا تعرفه ولا تميل إليه، أو يخالف أوامر إبراهيم باشا.
ولما حان وقت الغداء، لم تذق طعاما لشدة حزنها، كل ذلك ووالدها يفكر في وسيلة لإنقاذها، وإنقاذ نفسه من تلك الورطة.
وفيما هو في ذلك دخل الخادم يقول: «إن فارسين بالباب.» فخرج لاستقبالهما، فإذا هما غريب وسليم، فرحب بهما كثيرا لكنهما لاحظا على وجهه سورة الغضب، فلما استقر بهم المقام، قال سليم: «قد جئناك بخبر سيكون في غاية الغرابة عندك، وأظنه يسرك، وقد يكون موجبا لذهاب غضبك.»
فقال الأمير سعيد: «وماذا عسى أن يكون ذلك؟» قال سليم: «إن سعدى من نصيب أخي غريب، ويسرني أن أخبرك أنه أخي من أمي وأبي.» •••
فتعجب الأمير سعيد ولم يفهم المقصود، فقص عليه قصة والديه من أولها إلى آخرها، فعلم الأمير سعيد إذ ذاك أن قرابة غريب لبني شهاب، إنما هي من قبيل الأم، وأن الاثنين أخوان.
ولا تسل عن قلب سعدى حين علمت بما تم لها من عودة حبيبها إليها.
وقضوا بقية ذلك اليوم معا إلى المساء، يتفاوضون في أمر الزواج، فقال غريب: «الأولى أن يأتي والدنا، ويدبر ذلك مع سيادتكم كما هي عادة هذه البلاد.» وبعد العشاء والسهر انصرفا إلى البيت معا.
وبعد مدة سار أمين بك بعد أن استأذن الأمير بشيرا، وسارت معه سلمى إلى بيت الأمير سعيد، واتفقا على موعد الزفاف.
Bilinmeyen sayfa