فلما أفحم سالم أغا تحير فيما يدفع به عن نفسه، وكان قصده بتأجيل الزواج التنازل عن الفتاة لغريب، فطلب الانفراد بغريب فانفردا، فقال له: «إني في غاية العجب مما ظهر لي منك هذه الليلة، فلست أدري من أخبرك بعزمي على الاقتران بابنة الأمير، وقد زاد عجبي حين علمت أنك طلبت الابنة لنفسك، فلماذا لم تقترن بها؟»
فقال غريب: «إن السبب أن الأمير بشير لم يرد ذلك لنفور بينه وبين والدها.»
فقال سالم أغا: «أنا أسعى في إزالة هذا النفور، وذلك أمر سهل.»
قال غريب: «ذلك النفور لا يمكن إزالته، ولم يعد ممكنا لي الاقتران بها، فهي نصيبك، وأرجو ألا تراجعني في هذا الأمر؛ لأن اقتراني بها أصبح مستحيلا، فالأولى أن تأخذها أنت فإنها تليق بك.»
إبراهيم باشا
رأى سالم أن لا فائدة من إقناع غريب بهذا الأمر، فوعده أنه سوف يجري الأمر كما يشاء، وإن غدا لناظره قريب، وتواعدا على أن يعودا لتقديم هدايا الخطبة، وقد أضمر سالم أن يتخلى عن الفتاة لغريب بطريقة لا يبقى معها مجال للجدال.
فلما كان الغد، جاء غريب إلى مكان اللقاء ليذهبا معا لتقديم الهدايا، وانتظر سالما ساعات فلم يأت فانشغل باله عليه كثيرا، ولما كان المساء ذهب إلى البيت وهو في شغل شاغل بأمر سالم وتغيبه.
وفي المساء التالي، إذ كان غريب في فناء السراي يفكر في أمر سالم، رآه وهو قادم يبتسم، فسأله غريب عن أمره، فقال: «لم أستطع المجيء أمس لأني كنت منهمكا في حفل الزفاف.» فقال: «أي حفل تعني؟» قال: «قد عقدت على إحدى الفتيات أمس فأنا الآن متزوج.»
فعجب غريب لذلك، واعترضه قائلا: «ماذا تعني، وقد ظللت في انتظارك سحابة أمس لكي نذهب لتقديم هدايا الخطبة فلم تأت؟»
فقال سالم: «نقدم هدايا من يستطيع الزواج، أما أنا فقد تم أمر زواجي ولا أحب الضرائر.»
Bilinmeyen sayfa