Melamiler, Sufiler ve Futuvvet Ehli
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Türler
إن النفس لأمارة بالسوء ، وكقوله تعالى:
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وقوله عليه السلام: «أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك.» ولكن الملامتية بالغوا في هذه الفكرة - تحت تأثير عامل غير إسلامي فيما أعتقد - مبالغة تجاوزت المعقول في كثير من الأحيان، فاعتبروا النفس شرا محضا، ونظروا إلى جميع أفعالها نظرة امتهان واتهام، وعدوا مجرد توهمها صدور شيء حسن عنها أو توهمها استحقاق قدر على أعمالها ضربا من ضروب الشرك الخفي؛ لأن ذلك في اعتقادهم تعظيم لفعل غير فعل الله. وليست طريقتهم التي سموها بطريقة الملامة سوى سلسلة من التعاليم يراد بها القضاء على النفس وجميع مظاهرها.
فالنفس ليست - في نظر الملامتية - مقابلة للروح فحسب من حيث أنها مصدر الشر والروح مصدر الخير، بل هي مقابلة لله من حيث أن رؤية أفعالها وتعظيمها والارتكان إليها بمثابة الإشراك بالله.
وتتبين قيمة تصنيف القوى النفسية عند الملامتية - كما ذكرها السلمي - فيما رتبوا عليه من النتائج المتصلة بمعرفة الله أو مشاهدته أو غير ذلك من المقامات الصوفية. فإذا كانت الروح عندهم محل المشاهدة - بدلا من السر عند القشيري - والمشاهدة حالة خاصة بين العبد وربه، اعتبر اطلاع السر على تلك المشاهدة نوعا من الرياء. وذلك لأن المشاهدة لا تكون إلا لأفضل قوة في الإنسان، فإذا اطلعت عليها قوة أخرى دونها في المرتبة لم تكن المشاهدة خالصة. وكذلك الحال في القوى الأخرى إذا اطلعت قوة منها على أعمال القوة التي هي فوقها في المرتبة، كالقلب إذا اطلع على أعمال السر، وكالنفس إذا اطلعت على أعمال القلب.
هذا من حيث اطلاع بعض القوى الإنسانية على وظيفة بعضها الآخر أو عمله، فقد فهم الملامتية هذه القوى على أنها منعزلة تماما تقوم كل واحدة منها - بل ويجب أن تقوم كل منها - بوظيفتها مستقلة تماما عن الأخرى. فإذا جاوزت إحداها حدودها واطلعت على ما يقوم به غيرها، شاب ذلك من إخلاصها وأوقع صاحبها في الرياء. أما إطلاع الملامتي غيره على فعله وحاله، أي إظهار ذلك له عن قصد، فهو أدخل في باب الرياء من سابقه، وهو في نظر الملامتية من رعونة الطبع ولعب الشيطان.
79
وهذا هو السر في أنهم حاربوا كل المظاهر المنبئة عن الأحوال والأفعال؛ فأنكروا لبس المرقعات، واستقبحوا السماع والتواجد فيه، وأخفوا الكرامات، وكرهوا القعود للناس للتذكير والوعظ وما أشبه ذلك من أسباب الإعلان عن الحال.
ويظهر أثر تصنيف الملامتية للقوى الإنسانية من ناحية أخرى في كلامهم في «الذكر»، فقد عدوا منه أربعة أنواع: ذكر اللسان وهو ذكر الجوارح، وذكر القلب، وذكر السر، وذكر الروح. وقالوا إذا صدق ذكر الروح سكت السر والقلب واللسان عن الذكر، وهنا تحصل المشاهدة في مقام الجمع أو مقام الفناء على حد قول الصوفية. وإذا صح ذكر السر سكت القلب واللسان، وهذا مقام الهيبة. وإذا صح ذكر القلب سكت اللسان، وذكر القلب هو ذكر الآلاء والنعماء. وإذا غفل القلب عن الذكر ذكر اللسان، وذلك أدنى مراتب الذكر وهو ذكر العامة.
ثم ذكروا لكل واحد من هذه الأذكار آفة، وآفة ذكر كل قوة اطلاع القوة التي دونها في المنزلة على ذكرها.
80
Bilinmeyen sayfa