Melamiler, Sufiler ve Futuvvet Ehli
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Türler
وقد كانت الفكرة الأصلية في المذهب الملامتي كما أوضحها حمدون القصار وتلميذه ابن منازل: الحرب الدائمة ضد النفس ورعوناتها وريائها، والعمل على كتمان حسناتها، فغالى أتباع الملامتية المتأخرون - مثل محمد بن أحمد بن حمدون الفراء (المتوفى سنة 370ه) وكان من أصحاب أبي علي الثقفي وأتباع ابن منازل - في تفسير هذا المبدأ وتطبيقه، فبعد أن كان مبدأ سلبيا صرفا يدعو إلى إخفاء الحسنات، اتخذ على أيدي هؤلاء اتجاها إيجابيا، فطالب أهل الملامة مريديهم بتعمد المخالفة والظهور في الناس بالمظاهر التي تثير لومهم وتجلب عليهم سخطهم وازدراءهم. وأصبح هذا في نظر الملامتية طريقا من طرق تقويم النفس وتأديبها وتعريفها قدرها، وصار هذا المعنى جزءا من مفهوم المذهب الملامتي.
وهكذا مضى الملامتية في غلوهم حتى وقعوا في العصور الحديثة، في تركيا خاصة، في نوع من الإباحية انمحى فيه كل فرق بين الحسن والقبيح والخير والشر. ولكننا لا نعرف صلة تاريخية - إلا في مجرد الاسم - بين هؤلاء الملامتية المستهترين وبين أوائل الملامتية الذين صورهم السلمي في رسالته بتلك الصورة الرائعة. (3) تحليل نقدي لأصول الملامتية
أول ما يسترعي نظر القارئ لرسالة الملامتية أنها رسالة عملية أكثر منها نظرية، فإن من السهل عليه أن يستخلص تعاليم الملامتية وقواعد طريقهم وآدابهم في العبادات والمعاملات أكثر مما يستخلص الأساس النظري الذي تستند إليه هذه الآداب والقواعد، فإذا تكلمنا عن الأسس النظرية للمذهب الملامتي كان ذلك محض استنتاج من جانبنا، بنيناه على ما لمسناه من روح عامة انصبغت بها تعاليم الملامتية وأقوالهم.
أما ما يسميه السلمي بالأصول التي ذكر منها خمسة وأربعين، فإنها لا تعدو الآداب والصفات الأساسية التي يطالب بها الملامتية أنفسهم ومريديهم معتمدين في ذلك - على حسب كلام المؤلف - على أصل من الكتاب أو السنة أو قول لمشهوري رجالهم أو رجال الصوفية . وقلما تتناول الرسالة مسائل المذهب الملامتي من الناحية النظرية، إلا إذا استثنينا ما ورد فيها عن النفس والروح والقلب والسر، وعن حال الترقي الصوفي من كل واحد من هذه إلى الآخر، وما ورد فيها عن ذكر اللسان والقلب والسر والروح وآفات كل منها.
ويخيل إلي أن الأساس النظري العام الذي يقوم عليه المذهب الملامتي هو التشاؤم الذي نظر به شيوخ هذه الفرقة إلى النفس الإنسانية وبنوا عليه مذهبا كاملا في تذليلها وتحقيرها ولومها واتهامها وحرمانها من كل ما ينسب إليها من علم أو عمل أو حال أو عبادة. وهي وجهة نظر قد يكون للبيئة الزرادشتية في فارس أثر فيها، وهي المبدأ الذي أوحى إلى رجال الملامتية بكل ما ذكروه من أقوال وما وضعوه من قواعد. وهناك أساس نظري آخر غير مستقل تماما عن الأساس السابق، وهذا هو فكرة الفتوة التي أعتقد أنها - فيما يتعلق بالملامتية - كانت فارسية أيضا، فالنفس التي دعاهم تشاؤمهم إلى تحقيرها وإذلالها وإدامة اتهامها، يجب التضحية بها في سبيل الله أولا، وسبيل الغير ثانيا، وفي التضحية بالنفس والانتصار التام عليها يتحقق معنى الإيثار المحض الذي هو أخص صفات الفتوة. ويظهر معنى الفتوة بكل وضوح في كثير من قواعد الملامتية وآدابهم المسماة بالأصول، سواء منها ما كان متصلا بمعاملة الله وهي الفتوة الصوفية، أو الفتوة الملامية التي يظهر فيها الإيثار لله، وما كان متصلا بمعاملة الخلق وهي الفتوة الاجتماعية. ويظهر في الحالتين إنكار الذات.
وإلى هذين الأصلين يمكننا أن نرد جميع «الأصول» التي ذكرها السلمي للملامتية بطريق مباشر أو غير مباشر. وعنهما صدر كلام الملامتية في المسائل الرئيسية الآتية: (1)
كلامهم في النفس وشريتها وصلتها بالقلب والسر. (2)
كلامهم في محاربة النفس وظواهرها وخاصة الرياء والعجب والشهرة، وما يتصل بهذه الصفات من مسائل متعلقة بالحياة الصوفية كمسألة الزي والدعاوى الصوفية والأحوال والسماع والفقر والتوكل، أو مسائل أخلاقية كمسألة أفعال العبد وإرادته ومعاني الحرية والعبودية، أو مسائل (إلهية) كمسألة الشرك، أو مسائل تتعلق بالحياة العملية كالكسب والقعود للناس في الوعظ والتذكير . ومن أقوالهم في هذه المسائل كلها تتألف آداب الطريق الملامتي عندهم. (3)
كلامهم في طرق محاربة النفس وظواهرها التي أهمها الزجر والبخع والتأنيب والاتهام وكل ما يمكن وضعه تحت العنوان العام الذي يطلقون اسم «الملامة» عليه. (4)
كلامهم في الغاية من الطريق وهي التحقق في مقام الإخلاص. (4) فلسفة الملامتية في النفس
Bilinmeyen sayfa