Melamiler, Sufiler ve Futuvvet Ehli
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Türler
ومعنى ذلك أن إخلاص الملامتي هو رؤيته التقصير في عمله، وإخلاص الصوفي هو عدم رؤية الأعمال على الإطلاق، أو بعبارة أخرى الفناء عن الأعمال.
وستتضح للقارئ فروق أخرى كثيرة بين الصوفية والملامتية عند عرضنا لأصول الملامتية وتعاليمهم.
وأما «الفتوة» فاسم أطلق على مجموعة من الفضائل، أخصها: الكرم والسخاء والمروءة والشجاعة، تميز المتصف بها عن غيره من الناس. وبهذا المعنى الخلقي وجدت الفتوة قبل الإسلام وفي الصدر الأول منه في بلاد العرب وفارس. وبها لقب علي بن أبي طالب وأهل بيته. ولكنها كانت إلى ذلك العهد أمرا فرديا لا وجود له في جماعة منظمة، ولا يعرف نظام اجتماعي لأهل الفتوة إلا في عصر متأخر.
وقد اتصلت الفتوة بالتصوف منذ ظهور التصوف تقريبا وانصبغت بصبغته، وكان ذلك على الأخص في البلاد الإسلامية ذات الحضارات القديمة لا سيما فارس، حتى إنك لتجد آثارا واضحة للأفكار الصوفية في تعاليم أصحاب الفتوة في كل العصور الإسلامية تقريبا. والعكس صحيح أيضا، أي إن آثارا كثيرة للفتوة قد تسربت إلى بيئات الصوفية. ويدلك على ذلك الاتصال المتبادل بين الفتوة والتصوف أن كثيرا من الفتيان الذين نعرف شيئا عن تاريخ حياتهم كانوا إما صوفية أو ممن لهم ميل إلى الطريق الصوفي كما يظهر ذلك من قصة نوح العيار مع حمدون القصار.
34
ومن ناحية أخرى نرى أن كثيرا من رجال الصوفية المشهورين ذوي المكانة العالية كانوا من الفتيان قبل أن يدخلوا الطريق الصوفي، وذلك مثل علي بن أحمد البوسنجي وأحمد بن خضرويه وغيرهما.
كان الفتى قبل الإسلام فردا غايته المحافظة على شرفه الذي هو شرف قبيلته، فأصبح بعد الإسلام عضوا في جماعة يعمل من أجلها. ولكن الصفات التي يجب أن يتحلى بها الفتى كان لها أثر ظاهر في الحالتين.
ويظهر أن أول اتصال بين الفتوة المنظمة داخل هيئات اجتماعية وبين الصوفية كان في العراق المتصل اتصالا وثيقا ببلاد فارس. وكان ذلك في دائرة الحسن البصري الذي أطلق عليه أيوب بن أبي تميمة «سيد الفتيان». والحسن كما نعرف كان من أوائل من مهدوا لظهور التصوف في الإسلام، ومن الذين اعتبرهم متأخرو الصوفية من الأقطاب. ويظهر كذلك أن الانتقال كان إلى عهد الحسن البصري من نظام الفتوة إلى الطريق الصوفي كما تدل عليه عبارة الحسن نفسه التي يقول فيها: «كان الفتى إذا نسك لم نعرفه بمنطقه وإنما نعرفه بعمله وذلك العلم النافع.»
35
ولما ظهر التصوف ظهرت فيه مع فضيلة التقوى مجموعة من الفضائل الأخرى المستمدة من الفتوة، فلما كمل نموه في القرنين الثالث والرابع قويت فيه الفكرة الأساسية التي امتازت بها الفتوة العربية القديمة وهي فكرة الإيثار، واعتبرها الصوفية من أوائل مبادئهم وأضافوا إليها صفات أخرى متصلة بها مثل: كف الأذى، وبذل الندى، وترك الشكوى، وإسقاط الجاه، ومحاربة النفس، والعفو عن زلات الغير، وغير ذلك من معاني التصوف.
Bilinmeyen sayfa