[حوادث الأيام]
واعلم يا بني: أن الأيام نبل مسمومة، والخلق أهداف مرمية، والزمان لهم مرشق يرميهم في كل يوم بنافرة، وتدور على الكواهل بأدمع دائرة، حتى يدع اللحم عريضا، والعظم مهيضا، ويستغرق كل يوم من أجزاء الانسان جزوا، يصيره به نضوا، فماذا يبقي من الأجسام ممر الليالي والأيام ، وكم ذا يكون صبرها على نوافر السهام، فياأيها ذا الذي دلاه الغرور بالغرور، وزين له ما يستقبح في عواقب الأمور، لو هتكت لك مسدلات الأستار، عما يخترم منك الليل والنهار، وما يكر به لينجزما بقي منك العشي والإبكار، لأمضك الجزع وقل منك الاصطبار، ولأوحشك من الساعات التكرار، ولكن تدبير من بيده الأقدار، يعزب عن أن يعلم كنهه بالاعتبار.
يا بني: فاسل بكثير غوائل الدنيا عنها، وخذ ما صفي منها، فإن ضجيعها مغبون، والراكن إليها مفتون، والوافر الحظ منها فيها محزون، وهي أقل من كل قليل سماه المسمون، وقد عجز عن وصف عيوبها الواصفون، وقصر عن علم عجائبها العالمون.
تم كتاب المكنون بحمد الله ومنه وتوفيقه، وحسن إعانته.
والحمد لله كثيرا بكرة وأصيلا.
Sayfa 217