Ölü Deniz Yazmaları ve Kumran Topluluğu
مخطوطات البحر الميت وجماعة قمران
Türler
الفوارق العمومية
وهنالك بالإضافة إلى ما تقدم شرحه فوارق عمومية بين النصرانية والقمرانية تجعل منهما حركتين مختلفتين في الجوهر؛ فالقمرانية بقيت مذهبا يهوديا، ولم تخرج من هذا الدور أبدا، أما النصرانية فإنها كانت ولا تزال رسالة عالمية. هكذا أرادها السيد المسيح. وقد عبر عن إرادته قبل ارتفاعه إلى السماء بقوله لرسله وأعقابهم من بعدهم على تعاقب الزمن: «لقد دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا ذا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.» (متى 28 : 18-20)، وقال لهم أيضا: «اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها» (مر 16 : 15). وهكذا فإن الكرز بيسوع شمل اليهود والأمم، فخرجت النصرانية بذلك من دور مذهب يهودي إلى رسالة عالمية كبرى.
ولم تكن مملكة يسوع من هذا العالم (يوحنا 18 : 36) ولم تقم بالسيف؛ لأن كل من يأخذ بالسيف بالسيف يهلك (متى 26 : 52)، وإنما قامت وتقوم بمحبة الله للبشر وبتجسد ابنه الوحيد واعتلائه الصليب، وموته لأجل البشر وقيامته من الموت. أما جماعة قمران فإنهم استعدوا لخوض معركة زمنية بالسيف، ولم يبق بعد تجسد المسيح أي تقدم لأي طبقة على أخرى كما كانت الحال في قمران وبين اليهود أجمعين. «ولو كان بالكهنوت اللاوي كمال، فأية حاجة كانت بعد أن يقوم كاهن آخر على رتبة ملك صادق، فإن ربنا خرج من يهوذا من السبط الذي لم يصفه موسى بشيء من الكهنوت.» •••
ويطيب لنا
18
في هذا الباب، أن ننقل شهادة كبير بين الأدباء ومفكري العالم العربي هو الأستاذ عباس محمود العقاد الذي بعد أن اطلع - بكل ما هو معروف عليه من رصانة في النقد ودقة في التقصي - على ما انتهت إليه بحوث العلماء في شأن مخطوطات البحر الميت أو لفائف وادي قمران، يخرج بهذه الشهادة: «إن الجديد في الأمر لا يزال من عمل السيد المسيح، أو من فتوحه المبتكرة في عالم الروح ... وإن كل مشابهة بين السيد المسيح وبين مذاهب الدين قبل عصره تنتهي عند الظواهر والأشكال، ولا تدل على فضل أسبق من فضله فيما ارتقت إليه عقائد الدين على يديه.»
19
وتوضيحا لحكمه وشهادته ننقل المقطع كله الذي يتعلق بكشوف البحر الميت، قال الأستاذ العقاد:
لقد كنا نقرأ في الصحف والمجلات أن لفائف وادي القمران تشتمل على نسخة كاملة من كتاب أشعيا، ونسخة مقروءة سليمة بعض السلامة من تفسير نبوات حبقوق التي حققتها الحوادث التالية، وشذرات من تفسير كتاب ميخا، وقصة تسمى قصة الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام، وأناشيد منظومة للدعاء والصلاة، ونسخة آرامية من كتاب غير معتمد بين كتب التوراة، وقصاصات متفرقة من كتب شتى تلحق بكتب العهد القديم، ونسخة مفصلة لآداب السلوك المرعية بين جماعة النساك الذين أقاموا زمنا بصومعة وادي القمران. وكلها مودعة في جرار كبيرة يوجد الكثير منها في بعض الكهوف المجاورة. ويبدو من أجل ذلك أنها قد تشتمل على ودائع من هذا القبيل لا تقدر عند العلماء الحفريين، وعلماء المقابلة بين الأديان وجمهرة اللاهوتيين على الإجمال.
ولو أن أحدا أراد أن يحيط بأطراف الكتب والرسائل التي تناولت مسائل البحث في تلك اللفائف خلال السنوات الخمس الأخيرة لما استوعبها جميعا، ولو فرغ لها كل وقته. وحسب القارئ العربي أن يعلم أنها بحثت من كل ناحية تشترك في موضوعاتها الدينية أو اللغوية أو التاريخية أو الحفرية أو الكيماوية أو الصناعية، ولم تخل منها لغة من لغات الحضارة الغربية: فقد تناولت البحوث مسائل الهجاء وقواعد الكتابة، واختلاط اللهجات واللغات، ومواد الورق والجلد والمداد واللصق والتجفيف، كما تناولت أسماء الأعلام وما إليها من الألقاب والصفات وما يقترن بها من تواريخ الشعوب والقبائل، ومواقع الأرض وعوارض الجو والفلك وأصول العقائد وشعائر العبادات في كل فترة على حسب حظها من الأصالة أو الاستعارة، وعلى حسب المصطلحات التي تلازمها ولا تعهد في غيرها، واتسع نطاق البحث إلى غاية حدوده لتحقيق نماذج البناء، وصناعة الآنية الفخارية، وعادات الأكل والشرب، وأزياء الكساء، ومواد الأطعمة، وثمرات النبات. وتراوحت تقديرات الزمن بين القرن الخامس قبل الميلاد والقرن الأول بعد الميلاد. ولم تستقر بعد كل هذا التوسع وكل هذا الإمعان والتدقيق على قرار وثيق.
Bilinmeyen sayfa