Aşkların Oyunu Saraylarda
مكايد الحب في قصور الملوك
Türler
ثم عاش الزوجان في صفاء ورفاء وهما يتنقلان بين ويلس ولندن، وولدت اللادي نيوبورو للورد ابنين ترقيا كلاهما إلى رتبة البارونية. ثم توفي اللورد، وبعد وفاته بثلاث سنين تزوجت البارون إدورد سترنبرغ أحد أعيان روسيا، فولدت له ابنا، ولم تطل مدة اتصالها به؛ إذ حدث بينهما من النفور والخصام ما قضى بانفصالها عنه. وفي غضون هذه السنين كلها لم يخطر ببال ماري ستلا أقل خاطر أوجب توجيه التفاتها إلى السر العميق الذي يكتنف ولادتها، وكان مزمعا أن يغشى ما بقي من حياتها بضباب حالك كثيف.
ففي سنة 1820 - أي بعد زواجها الثاني المشئوم بعشر سنوات - انكشف لها الحجاب عن السر الذي ظل مكتوما عنها إلى الآن. فإنها ذهبت إلى فلورنس ومعها ابنها من زوجها الروسي لتزور أباها الذي كان في غاية الضعف والانحلال، وكانت مزمعة أن تواظب على العناية به، وإنفاق كل ما تمس الحاجة إلى إنفاقه في سبيل تطبيبه وتمريضه، ولكنها دهشت إذ رأت جميع من في البيت يعارضون ويعوقونها عن الاتصال بأبيها، ووجدت أباها نفسه غير مقبل عليها الإقبال المنتظر. وبدل احتفائه بها كابنته البكر العزيزة استقبلها بفتور، وكان في حديثه معها يخاطبها بلقب ميلادي (يا سيدتي)، واتضح لها أنه يفكر في شيء غامض غير معلوم عندها؛ إذ كان من وقت إلى آخر يتمتم مشيرا إشارة خفية إلى خطأ ارتكبه، وإلى جميل لابنته عليه ويكرر ذكر أسماء عرفتها في أيام حداثتها.
وفي ذات يوم دخلت عليه فوجدته مشرفا على الموت، فتناولت يده فضغط يدها بكل ما بقي له من القوة وتفرس في وجهها وحاول الكلام، ولكنها لم تستطع أن تلتقط من فمه سوى هذه الكلمات: «يا إلهي! مبادلة! مبادلة غريبة!» وهي على غرابتها لم يكن لها عند ستلا معنى صريح. وما أبطأ كيابيني أن أسلم الروح.
وبعد بضعة أشهر اتفق لها أن ظفرت بضياء إيضاح أزال ظلام الإبهام؛ فإنها تسلمت رسالة موضوعة في غلاف معنون بخط كيابيني نفسه، وفيها يبوح بسر مدهش غير مجرى حياة ستلا تغييرا تاما. ويقول إنه أوصى أحد أصدقائه بحفظ هذه الرسالة، وبعد وفاته يوصلها إليها. وفيما يلي خلاصة ما جاء فيها: «أعترف لك يا ستلا بأنك لست ابنتي، لست ابنة رجل قروي خامل وضيع، بل أنت بحق الولادة سليلة مجد رفيع وشرف باذخ. فقبل ولادتك بأربعة أشهر جاء إلى قريتنا رجل غريب جليل القدر عظيم الشأن ومعه زوجته يحف بهما عدد كبير من الخدم والحشم والأتباع. وقيل إنهما من صفوة أعيان فرنسا وكبار أغنيائها، وكانت قرينته على أهبة الولادة كما كانت زوجتي. وكان هذا الرجل الغريب على جانب عظيم من اللطف والوداعة، وقد دعاني إليه ونفحني بمبلغ كبير من الدراهم، وجاء لي بعدة كئوس من الخمر المعتقة. وبعدما تجاذبنا أطراف الحديث في مواضيع مختلفة قال لي إن الضرورة تقضي أن يكون المولود الذي تضعه الكونتس (زوجته) صبيا لا بنتا، وذلك لأسباب لا محل لذكرها. وألح علي أن أوافقه على ما يأتي وهو مبادلة ولدينا - ولدي وولده - إذا ولدت زوجتي ذكرا وولدت زوجته أنثى.
وقد بذلت جهدي في أن أثنيه عن عزمه وأحول دون مرامه فلم أستطع؛ لأنه تغلب على إرادتي وحملني على الانقياد إلى إرادته بما أفرغه علي من الرشا والبراطيل ومواعيد الحماية والرعاية وغير ذلك مما أغراني بالرضا والقبول. وقال لي إنه سيعنى بتربية ابني أتم عناية، وإنه سيشغل بعد بلوغه سن الرشاد أسمى محل في أوروبا. وقد جرت الأمور كما توقعت الكونتس، فإنها ولدت بنتا وولدت زوجتي صبيا. وعلى أثر ولادتهما عملنا بموجب الاتفاق، فأخذت ابنتهما وأعطيتهما ابني، وبعدما أكملت الكونتس أيام نفاسها رجعت هي وزوجها وابني وجميع الخدم والحشم من حيث أتوا. وكان هذا آخر عهدي بهم.
وبقيت مدة سبع سنين أتناول مبالغ باهظة من المال ومعها وصايا مشددة بوجوب كتمان السر، وإنذارات مخيفة بالعقاب الذي ينالني إن بحت به لأحد. وقد حذروني على الخصوص من إفشاء السر لك. ولم يطلع عليه من أهل بيتي سوى زوجتي وابني الأكبر، وهذا يوضح لك شدة اهتمامهم بمنع المحادثات بيني وبينك؛ لأنهم علموا يقينا أني منذ وقت طويل ندمت على ما فعلت، وكنت دائما مستعدا بملء التلهف أن أبذل كل ما أستطيعه من التكفير والتعويض. ولا يسعني أن أصف لك مقدار الشكر والابتهاج اللذين شعرت بهما عندما جاء اللورد الإنكليزي وتزوجك وبوأك ذروة الشرف التي أنت جديرة بها بحق ولادتك. ولما رجعت إلى إيطاليا عذبني القلق، ولذ علي الاهتمام لكي أطرح نفسي عند قدميك، وأعترف لك بكل شيء، وأرجو صفحك. ولكن هذه الأمنية العظمى لم يتح لي الفوز بها وأنا بعد في قيد الحياة. فمن صميم فؤادي أبتهل إليه تعالى أن يسهل سبيل وصول هذا الاعتراف إليك بعد وفاتي. وحينئذ تصفحين عني، وبهذه التعلة أموت مستريحا عن توبيخ الضمير.»
ولنترك للقارئ أن يتصور الشعور الذي استولى على أفكار ماري ستلا عندما طالعت اعتراف هذا الرجل في آخر ساعة من حياته؛ لأن شعورا كهذا إن لم يتعذر تصوره فهو بلا ريب يشب عن طوق الوصف حتى بقلم أبلغ الكتاب. وإعلان هذا السر العجيب الغريب أماط لديها لثام الغموض والخفاء عن محيا أمور كثيرة كانت تعرض لها في الماضي ولا تستطيع إدراك كنهها واستجلاء خوافيها، كالفرق الشاسع بين بياض بشرتها وجمال طلعتها ورقة طباعها وسمرة بشرة أختها وإخوتها وخشونة طباعهم. ومحبة الكونتس بورغي التي لا بد أن تكون قد علمت شيئا عن سر ولادتها، أو على الأقل ارتابت في دعوى انتسابها إلى أحد رجال الشرطة، ومجافاة قرينة كيابيني وأولادها لها ووقوفهم حجر عثرة في سبيل محادثتها لأبيها، ومعنى كلمة «مبادلة» التي فاه بها أبوها قبيل وفاته ولم تفهم معناها.
وقد غاظها جدا وقوفها على مبلغ الحيف الذي حاق بها عند ولادتها، ولكن هذا الغيظ تغلب عليه افتكارها في حقيقة نسبها وعلمها بأنها ليست ابنة قروي، بل كريمة رجل شريف الأصل كريم المحتد، وأن اللورد الإنكليزي الذي اقترنت به لم يفقها في حسب ولا في نسب، بل كانا كلاهما متساويين متشاكلين. وهذا الفكر أنشا فيها شدة الاهتمام لمواصلة السعي والتنقيب لبلوغ أعماق هذا السر، ومعرفة أبويها الحقيقيين، والمطالبة بالحقوق التي تستمدها من ولادتها.
ولم تتوقع أقل فائدة من الاستعانة بأسرة كيابيني؛ لأنها لم تنس سوء معاملتهم لها واستخفافهم بها. وتذكرت أن خادمي الكونتس بورغي الطاعنين في السن كانا لا يزالان في قيد الحياة، فصحت عزيمتها على الذهاب إليهما وإلى الكاهنين اللذين كانا مستودعا لسر اعتراف كيابيني والكونتس. وقد أجابها أحد الكاهنين عن سؤالها بقوله إنه كان دائما يظنها ابنة دوق توسكانيا. وأجابها الآخر بقوله إنه واثق كل الثقة بكون والديها هما دوق ودوقة جوانفيل. فرجعت من عندهما وهي في حيرة أشد من حيرتها السابقة.
وعلى الفور ذهبت إلى فلورنس وقابلت الخادمين الباقيين عند أهل الكونتس بورغي. ولما وقع نظرهما عليها صاحا: «لله ما أشد المشابهة بينك وبين الكونتس جوانفيل!» وقصا عليها قصة غريبة تؤيد اعتراف كيابيني وهو على فراش النزاع؛ وهذه خلاصتها: «في سنة 1773 شاهدا الكونت جوانفيل وقرينته في قرية مودغليانا. وكان الكونت جميل الصورة وعلى وجهه أثر نقطة أو بثرة. وقد لاحظا حينئذ أن الكونت كان مواظبا على مجالسة الشرطي كيابيني الذي كانت زوجته مثل الكونتس على أهبة الولادة.»
Bilinmeyen sayfa