ولم أر العشاق قبلي رأوا ... بوصف من يهوون من باس
كل أحاديثي سوى حبها ... منكشف مني لجلاسي [1]
لا حبذا الشركة في حبها ... وحبذا الشركة في الكاسي
فلما رأيته لا يحب أن يعلمني من هي، أمسكت، فلما كان في الليل سكرنا، ونام من كان معي، وأغفيت إغفاءة، وانتبهت فإذا هو قاعد وحده، فقلت: أبا علي [16 و] ما لي أراك ساهرا؟ لعله فكرة في ذلك الرجل؟ قال:
إي والله، ثم أنشدني: [2] [الكامل]
رسم الكرى بين الجفون محيل ... عفى عليه بكا عليه طويل [3]
يا ناظرا ما أقلعت لحظاته ... حتى تشحط بينهن قتيل [4]
فوق القصيرة والطويلة فوقها ... دون السمين ودونها المهزول
فقلت: قد ذكرت قدها، وأحسبني قد عرفتها، فقال: هيهات، يوئسني من أن أعرفها، وقد كنت أراه يحد النظر إلى جارية لبعض أهلنا يقال لها نرجس، تجيئنا بالطرفة بعد الطرفة من عند مولاتها، فقلت في نفسي: أراد غيرها، ثم أمسكت عنه، فلما كان من الغد، قعدنا على شرابنا، فقلت للساقي: مل على أبي نواس بالنبيذ، ففعل، فسكر سكرا عظيما، ثم أنشأ يقول: [5] [الخفيف]
أحرف أربع سبين فؤادي ... لم أذق بعدهن طعم الرقاد
خفت إظهارهن خشية واش ... واتقاء العداة والحساد
غير أني أحتال فيهن معنى ... وأحاجي به جميع العباد [6]
اشتهي النون من نوار وأهوى ... من سواها باقي حروف مراد
Sayfa 63