167

Mecmu'ül Fetvalar

مجموع الفتاوى

Yayıncı

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Yayın Yeri

السعودية

قَصْدِهَا لِلصَّلَاةِ عِنْدَهَا لِئَلَّا يُفْضِيَ ذَلِكَ إلَى دُعَائِهِمْ وَالسُّجُودِ لَهُمْ - كَانَ دُعَاؤُهُمْ وَالسُّجُودُ لَهُمْ أَعْظَمَ تَحْرِيمًا مِنْ اتِّخَاذِ قُبُورِهِمْ مَسَاجِدَ.
وَلِهَذَا كَانَتْ زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهَيْنِ: زِيَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَزِيَارَةٌ بِدْعِيَّةٌ. فَالزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُ الزَّائِرِ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ؛ كَمَا يُقْصَدُ بِالصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَتِهِ الدُّعَاءُ لَهُ. فَالْقِيَامُ عَلَى قَبْرِهِ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ فَنَهَى نَبِيَّهُ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَالْقِيَامِ عَلَى قُبُورِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ. فَلَمَّا نَهَى عَنْ هَذَا وَهَذَا لِأَجْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْكُفْرُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى انْتِفَاءِ هَذَا النَّهْيِ عِنْدَ انْتِفَاءِ هَذِهِ الْعِلَّةِ. وَدَلَّ تَخْصِيصُهُمْ بِالنَّهْيِ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُقَامُ عَلَى قَبْرِهِ إذْ لَوْ كَانَ هَذَا غَيْرَ مَشْرُوعٍ فِي حَقِّ أَحَدٍ لَمْ يُخَصُّوا بِالنَّهْيِ وَلَمْ يُعَلَّلْ ذَلِكَ بِكُفْرِهِمْ. وَلِهَذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَوْتَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْقِيَامُ عَلَى قُبُورِهِمْ مِنْ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي عَلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَشَرَعَ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ وَكَانَ إذَا دُفِنَ الرَّجُلُ مَنْ أُمَّتِهِ يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ وَيَقُولُ ﴿سَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ﴾ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَكَانَ يَزُورُ قُبُورَ أَهْلِ الْبَقِيعِ وَالشُّهَدَاءِ بِأُحُدٍ وَيُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ ﴿السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُمْ لَاحِقُونَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِين نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ. اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ﴾ وَفِي صَحِيحِ

1 / 165