Mecmu
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Türler
وقد كرر سبحانه ذكر الآيات في الكتاب وما ينتفع به ذوو الألباب، فقال تعالى في هذه السورة: ?إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون?[البقرة:164]، فقد بين تعالى في هذه الآية من امتنان والاستدلال على وحدانيته بما لو شرحنا مقتضاه لما أتينا عليه إلا في كتب كبيرة، فسبحان من لا تنفد كلماته، ولا تنقطع آياته، فقد جمعت هذه الآية كثيرا مما نازعوا فيه وأنكروا، وهي صريح لا لبس فيه وهو إيجاب النظر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، وما من به سبحانه من جري الفلك السيار بما ينفع الناس، والإخبار والإسرار، وما أنزل سبحانه من الأمطار، فأحيا به الأرض بما أظهر منها من الزرع والأشجار والثمار والأزهار، وما خلق من الحيوانات المختلفة الأجناس المتفاوتة الأعمار، من قول من رصدها أن الحية لا تموت حتى تقتل أو يميتها الجبار، وأن البعوضة وعمرها ثلاثة أيام، والذباب أربعون يوما، وكل ذلك تقدير العزيز العليم، وأي وكيف كان فلا تكليف علينا فيه، وليس هذا من مقصودنا ولكنه عرض، وفي ذكر كل شيء من تقدير الحكيم سبحانه عرض وتصريف الرياح الأربع ومكافاتها التي في حكم البيع وما علق بها من المصالح والمضار، فالمصالح للاختبار، والمضار للاعتبار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض، فسبحان من أقله ورفعه، وبسطه وقشعه، وأمطره وأقلعه، وجعل في جميع ذلك آيات لقوم يعقلون، فنسأله أن يجعلنا من العاقلين له، الراضين حكمه، وقال تعالى في توسع الرزق في هذه السورة الشريفة: ?والله يرزق من يشاء بغير حساب?[البقرة:212]، وفيها قوله تعالى في القبض والبسط: ?والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون?[البقرة:245]، وقال تعالى في اختصاصه بفضله من يشاء من عباده في هذه السورة الشريفة قال: ?إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم?[البقرة:247]، وفي مثله قوله تعالى: ?تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس?[البقرة:253]، وذكرنا هذه الآيات لأنهم ينكرون أيضا أن يختص الله سبحانه برحمته من يشاء وأن يفضل بعض خلقه على بعض في شيء من الأشياء؛ لأن عندهم المساواة واجبة على الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ولما كان مقصودنا في هذه الرسالة الشافية إن شاء الله تعالى الاختصار فلنذكر ما يتعلق بالرد على هذه الفرقة من آيات القرآن الكريم، ونعينه لك في كل سورة كما فعلنا في الأخبار.
Sayfa 453