236

Mecmu

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

المسألة الأربعون [ هل ما نعرفه من كلام الله حكاية للكلام

القديم القائم بالله؟ ]

قال تولى الله هدايته: وهل يصح أن يكون المعنى القائم بقلوبنا حكاية لذلك المعنى القديم القائم بذات الإله أعني كلامه الذي به وصف متكلما وله بذاته اختصاص، والحكاية مثال على الحقيقة، والقديم لا مثال له إذ لو صح ذلك لصح في الإله؟

الجواب عن هذه المسألة على نحو الجواب عما تقدم فلا وجه لتطويل الكلام؛ لأنا قد أبطلنا فيما تقدم كون كلامه تعالى قديما، وبينا أن الكلام فعله ومن حق الفاعل أن يتقدم على فعله وما يتقدمه غيره فهو محدث، وأنه لو كان الكلام [قديما] لوجب بما يليه للباري سبحانه لمشاركته له في مقتضى صفة الذات وهي القدم، والاشتراك فيها على الوجه الذي يكشف عن المقتضى يوجب الاشتراك في المقتضى، والاشتراك فيه يوجب المماثلة، والمماثلة ترفع الكلام عن كونه صفة وكلاما إلى كونه موصوفا ومتكلما وذلك يوجب كونه إلها ثانيا.

ودلالة الوحدانية مانعة من ذلك فبطل أن يكون الكلام قديما، وإذا بطل كونه قديما ثبت أنه محدث لأن القسمة في ذلك دائرة بين النفي والإثبات، وإذا كانت دائرة بينهما لم يجز دخول متوسط، وبيان أنها دائرة بينهما أن يقول: لا يخلو إما أن يكون لوجود الكلام أول أو لا يكون لوجوده أول، فإن لم يكن لوجوده أول فهو القديم وقد بطل كونه قديما، وإن كان لوجوده أول فهو محدث واختصاصه بالباري سبحانه من حيث الإنشاء، فلذلك قلنا [هو] كلام الله دون غيره ألا ترى أنا لو سمعنا صبيا ينشد:

Sayfa 276